يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ومن لم يستطع منكم طَوْلاً﴾ أي : لم يجد غني يقدر به على نكاح ﴿المحصنات﴾، أي : الحرائر ﴿المؤمنات﴾، فليتزوج من ما ملكت أيمانكم، من الإماء المؤمنات دون الكافرات، فإن أظهرت الإيمان فاكتفوا بذلك، وعلم الباطن لا يعلمه إلا الله، ﴿والله أعلم بإيمانكم﴾ فلا يمنعكم من نكاحهن خوف المعرة، فإنما أنتم جنس واحد، ودينكم واحد، ﴿بعضكم من بعض﴾ فلا تستنكفوا من نكاحهن، ﴿فانكحوهن بإذن أهلهن﴾، أي أربابهن، حتى يعقدوا لكم نكاحهن، ﴿وآتوهن أجورهن﴾ : أي : مهورهن، وهن أحق به دون ساداتهن، على مذهب مالك، ﴿بالمعروف﴾ من غير مطل، ولا نقص، على ما تقتضيه السنة. حال كونهن ﴿محصنات﴾ أي : عفيفات ﴿غير مسافحات﴾ أي : غير زانيات ﴿ولا متخذات أخدان﴾، أي : أصحاب يزنون بهن. وكان في الجاهلية مِن النساء مَنْ تتخذ صاحبًا واحدًا تزني معه خاصة، ومنها من لا ترد يد لامس.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣١
قال ابنُ جزي : مذهب مالك وأكثر أصحابه أنه لا يجوز للحر نكاح الأمة إلا بشرطين : أحداهما : عدم الطول ؛ وهو ألاَّ يجد ما يتزوج به حُرة، والآخر : خوف العنت ؛ وهو الزنا. لقوله بعد هذا :﴿ذلك لمن خشي العنت منكم﴾، وأجاز ابن القاسم نكاحهن دون الشرطين، على القول بأن دليل الخطاب لا يُعتبر، واتفقوا على اشتراط الإسلام في الأمة، لقوله :﴿من فتياتكم المؤمنات﴾ إلا أهل العراق فلم يشترطوه. هـ.


الصفحة التالية
Icon