ووصى بعدم قتل الأولاد، وهم المواهب والعلوم بإهمال القلب في الغفلة، وعدم قرب الفواحش : الظاهرة الحسية، والباطنية القلبية ؛ كالحسد، والكبر، وحب الجاه والدنيا، وسائر العيوب. وعدم قتل النفس بالانهماك في الهوى والغفلة حتى تموت بالجهل عن المعرفة. وعدم قرب مال اليتيم، وهو الذي ليس له شيخ، فإن الغالب عليه عدم المسامحة، وسيأتي عند قوله تعالى :﴿قَالَ رَبِّ أَرِنِيَ أَنظُرْ إِلَيْكَ﴾ [الأعرَاف : ١٤٣]، إشارة لها أرق من هذه، وعلى التوفية في الأمور كلها ؛ لأن الصوفي من أهل الصفاء والوفاء، وعلى الصدق في الأقوال والأفعال والأحوال. وعلى الوفاء بالعهد، وأعظمها عهد الشيوخ المُربين، وعلى اتباع طريق السلوك الموصلة للحضرة وهي ما عينه الشيوخ للمريدين، فلا يتعدى نظرهم ولو لحظة. وبالله التوفيق.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٢٣
قلت :﴿ثم﴾ : هنا للترتيب الإخباري، وقال ابن جزي : هذه الوصية قديمة لكل أمة على لسان نبيها، فصح الترتيب. وقال البيضاوي :﴿أو﴾ للتفاوت في الرتبة، كأنه قيل : ذلكم وصاكم به قديمًا وحديثًا، ثم أعظم من ذلك : أنا آتينا موسى الكتاب... الخ. وهو عطف على ﴿وصّاكم﴾، و ﴿تمامًا وتفصيلاً﴾ : حالان، أو علتان، أو مصدران.


الصفحة التالية
Icon