الإشارة : قال بعض العارفين : كل ما نهى الله تعالى عنه فهو شجرة آدم، فمن دخل جنة المعارف، ثم غلبه القدر فأكل من تلك الشجرة ـ وهي شجرة سوء الأدب ـ أخرج منها، فإن كان ممن سبقت له العناية أُلهم التوبة، فتاب عليه وهداه، وأهبطه إلى أرض العبودية ؛ ليكون خليفة الله في أرضه، فأنعِم بها معصية أورثت الخلافة والزلفى. وفي الحكم :" ربما قضى عليك بالذنب فكان سبب الوصول ". وقال أيضًا :" معصية أورثت ذُلاً وافتقارًا، خير من طاعة أورثت عزًا واستكبارًا ". وقال بعضهم : كل سوء أدب يثمر لك أدبًا فهو أدب. والله تعالى أعلم
٣٤٤
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٤٢
قلت : من قرأ :﴿لباس﴾ ؛ بالرفع، فهو متبدأ، والجملة : خبر، والرابط : الإشارة، والريش : لباس الزينة، مستعار من ريش الطير.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا﴾ أي : خلقناه لكم بتدبيرات سماوية وأسباب نازلة، ونظيره : قوله تعالى :﴿وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ [الزُّمر : ٦]، وقوله تعالى :﴿وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ﴾ [الحَديد : ٢٥]. من صفة ذلك اللباس :﴿يُواري﴾ أي : يستر ﴿سوآتكم﴾ التي قصد إبليس إبداءها، ويغنيكم عن خصف الورق. رُوِي أن العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة، ويقولون : لا نطوف في ثياب عصينا الله تعالى فيها، فنزلت. ولعل ذكر قصة آدم تقدمه لذلك ؛ حتى يعلم أن انكشاف العورة أول سوء أصاب الإنسان من الشيطان، وأنه أغواهم في ذلك كما أغوى أبويهم. قاله البيضاوي.


الصفحة التالية
Icon