فريقًا هدى} ؛ بأن وفقهم للإيمان، ﴿وفريقًا حق عليهم الضلالة﴾ ؛ بمقتضى القضاء السابق، أي : خذل فريقًا حق عليهم الضلالة، ﴿إنهم اتخذوا الشياطينَ أولياءَ﴾ يطيعونهم فيما يأمرونهم به، ﴿من دون الله﴾، وهذا تعليل لخذلانهم وتحقيق لضلالتهم، ﴿وَيحسَبُون﴾ أي : يظنون ﴿أنهم مهتدون﴾ ؛ فهم على جهل مركب، وفيه دليل على أن الكافر المخطىء والمعاند : سواء في الذم واستحقاق العذاب ؛ إذ لا يعذر بالخطأ في أمر التوحيد.
الإشارة : تقليد الآباء في المساوىء من أقبح المساوىء، واحتجاج العبد بتخليته مع هواه هو ممن اتخذ إلهه هواه، إن الله لا يأمر بالفحشاء، فإذا قال العبد ـ في حال
٣٤٧
انهماكه : هكذا أحبني ربي، فهو خطأ في الاحتجاج ؛ بل يجاهد نفسه في الإقلاع، ويتضرع إلى مولاه في التوفيق ؛ فإن الحق تعالى إنما يأمر بالعدل والإحسان، ودوام الطاعة والإذعان، والخضوع لله في كل زمان ومكان، والتحقق بالإخلاص في كل أوان، وإفراد المحبة والولاية للكريم المنان. وبالله التوفيق.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٤٦
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿يا بني آدم خُذوا زينتكم﴾ أي : ثيابكم التي تستر عورتكم، ﴿عند كل مسجدٍ﴾ لطواف أو صلاة، واحتج به من أوجب ستر العورة في الصلاة، ومن السًّنة أن يأخذ الرجل أحسن ثيابه للصلاة، وقيل : المراد بالزينة : زيادة على الستر، كالتجمل للجمعة بأحسن الثياب وبالسواك والطيب، ﴿وكُلوا واشربوا﴾ ؛ أمر إباحة ؛ لِمَا رُوِي أن بني عامر، في أيام الحج، كانوا لا يأكلون من الطعام إلا قوتًا، ولا يأكون دسمًا ؛ يعظمون بذلك حجهم، وهَمَّ المسلمون بذلك، فنزلت.


الصفحة التالية
Icon