وقال القشيري : إنما قال :﴿أورثتموها بما كنتم تعملون﴾ ؛ تسكينًا لقلوبهم، وتطييبًا لهم، وَإلاَّ، فإذا رأوا تلك الدرجات، علموا أن أعمالهم المشوبة لم تبلغ تلك الدرجات. هـ. وعن ابن مسعود أنه قال :(يجوزون الصراط بعفو الله، ويدخلون الجنة برحمة الله، ويقتسمون المنازل بأعمالهم). هـ.
الإشارة : والذين آمنوا بطريق الخصوص، وعملوا الأعمال التي تناسبها، من خرق العوائد واكتساب الفوائد، والتخلية من الرذائل والتحلية بأنواع الفضائل على حسب الطاقة ؛ أولئك أصحاب جنة المعارف، هم فيها خالدون في الدنيا والآخرة، قد نزع الله
٣٥٤
من قلوبهم المساوىء والأكدار، وطَهَّرها من جملة الأغيار، حتى صاروا إخوانًا متحابين ؛ لا لَغوَ بينهم ولا تأثيم، تجري من تحت أفكارهم أنهار العلوم، وتفتح لهم مخازن الفهوم، فإذا تمكنوا من هذه الحضرة (قالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله)، تحققوا أنهم محمولون بسابق العناية، محفوفون بعين الرعاية، فتحققوا بما جاءت به الرسل من عند الله، وما نالوه على يد أولياء الله من الذوق والوجدان، وكشف الغطاء عن عين العيان، منحنا الله من ذلك حظًا وافرًا، بمنِّه وكرمه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٥٣
قلت :﴿أن﴾ : في هذه المواضع ؛ مخففة من الثقيلة، أو : تفسيرية، وحذف مفعول :﴿وعد﴾ الثاني ؛ استغناء بمفعول وعد الأول، أو لإطلاق الوعد، فيتناول الثواب والعقاب.


الصفحة التالية
Icon