الإشارة : قوله تعالى :﴿في ستة أيام﴾ : قال الورتجبي : في كل يوم من هذه الأيام : ظهور صفة من صفاته الست : أولها : العلم، والثاني : القدرة : والثالث : السمع، والرابع : والبصر، والخامس : الكلام، والسادس : الإرادة، كملت الأشياء بظهور أنوار الصفات الستة، ولما أتمها صارت الحدثان ؛ كجسد آدم بلا روح، فتجلى من صفته السابعة. وهي حياته القديمة الأزلية الباقية، المنزهة عن همهمة الأنفاس والمشابهة والقياس ـ فقامت الأشياء بصفاته القائمة بذاته، ويكون إلى الأبد ؛ لحياتها بروح حياته، المقدسة عن الاتصال والانفصال. قلت : وهي المعبَّر عنها بالمعاني القائمة بالأواني. ثم قال : وفي أدق الإشارة : السماوات : الأرواح، والأرض : الأشباح، والعرش : القلوب، بدأ بكشف الصفات للأرواح، وبدأ بكشف الأفعال للأشباح، ثم بدأ بكشف الذات للقلوب ؛ لأن مناظر القلوب للغيوب، والغيوب من القلوب محل تجلّي استواء القدم، استوى قهر القدم، بنعت الظهور للعدم، أي : فتلاشى العدم، ثم استوى تجلّي الصفات على الأفعال، واستوى تجلّي الذات على الصفات، فاستوى بنفسه لنفسه، المنزه عن المباشرة بالحدثان والاتصال والانفصال عن الأكوان.
٣٦١
قلت : أي : إذ لا حدثان ولا أكوان ؛ لأنها لما قرنت بالقدم تلاشت، وما بقي إلا نعت القدم.
ثم قال : خصَّ السماوات والأرض بتجلي الصفات، وخص العرش بتجلي الذات. قلت : لأن المعاني المستولية على العرش باقية على أصلها، وهي أسرار الذات لم تتَرَدَّ برداء الكبرياء، وهو حجاب الحس الظاهر، بخلاف المعاني القائمة بالأواني، وهي أنوار الصفات، تجلت مرتدية بحجاب القهرية، فقيل لها : تجلي الصفات.


الصفحة التالية
Icon