ثم قال لهم :﴿أو عَجبتُم﴾ أي : أكذبتم وعجبتم من ﴿أن جاءكم ذِكرٌ﴾ أي : تذكير ووعظ ﴿من ربكم﴾ ﴿على﴾ لسان ﴿رجل منكم﴾ أي : من جملتكم، أو من جنسكم ؛ كانوا يتعجبون من إرسال البشر ويقولون :﴿وَلَوْ شَآءَ اللهُ لأَنزَلَ مَلآئِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي ءَابآئِنَا الأَوَّلِينَ﴾ [المؤمنون : ٢٤]، قال القشيري : عجبوا مِن كونِ شخص رسولاً، ولم يَعجبوا من كون الصنم شريكًا لله، هذا فَرطُ الجهالة وغاية الغواية. هـ. وحكمة إرساله ؛ كونه جاءكم ﴿لينذركم﴾ عاقبة الكفر والمعاصي، ﴿ولتتقوا﴾ الله بسبب تلك الإنذار، ﴿ولعلكم ترحمون﴾ بتلك التقوى، وفائدة حرف الترجي ؛ التنبهُ على أن التقوى غير مُوجب للترحم بذاته، وإنما هو ـ أي : الترحم ـ فضل من الله، وأن المتقي ينبغي ألا يعتمد على تقواه، ولا يأمَن من عذاب الله.
﴿
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦٤
فكذبوه فأنجيناه والذين معه﴾
هو ومن آمن به، وكانوا أربعين رجلاً وأربعين امرأة، وقيل : عشرة، وقيل : ثمانية، حَملناهم ﴿في الفلك﴾ أي : السفينة، ﴿وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا﴾ بالطوفان ؛ ﴿إنهم كانوا قومًا عَمِينَ﴾ أي : عُمي القلوب، غير مستبصرين، وأصله : عَميين، مخفف. قاله البيضاوي.
الإشارة : الشريعة المحمدية : سفينة نوح عليه السلام، فمن ركب بحر الحقائق وحاد عنها ؛ حال بينه وبينها الموج فكان من المغرقين في بحر الزندقة والكفر، ومن تمسك بها في ذلك كان من الناجحين الفائزين.
٣٦٥
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦٤
قلت :﴿أخاهم﴾ : عطف على نوح، و ﴿هودًا﴾ : عطف بيان أو بدل، وكذلك ﴿أخاهم صالحًا﴾ وما بعده ؛ حيث وقع.


الصفحة التالية
Icon