يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿و﴾ أرسلنا ﴿إلى﴾ قبيلة ﴿عادٍ أخاهم﴾ أي : واحد من قبيلتهم، كقولهم : يا أخا العرب، فإنه هود بن عبدالله بن رباح بن الخلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، وقيل : هو هود بن شاح بن أرفخشذ بن سام بن نوح، فهو ابن عم أبي عاد، وإنما أرسل إليهم منهم لأنهم أفهم لقوله، وأعرف بحاله، وأرغب في أتباعه، ثم وعظهم فقال :﴿يا قوم اعبدوا الله﴾ وحده ؛ ﴿ما لكم من إله غيره أفلا تتقون﴾ عذاب الله، ﴿قال الملأ الذين كفروا من قومه﴾، كان قومه أحسن من قوم نوح، إذ كان من أشرافهم من آمن به ؛ كمرثد بن سعد، ولذلك قيد الملأ بمن كفر، بخلاف قوم نوح ؛ لم يكن أحد منهم آمن به، فأطلق الملأ، قالوا لهود عليه السلام :﴿إنا لنراك في سفاهة﴾ أي : متمكنًا في خفة العقل، راسخًا فيها، حيث فَارَقتَ دين قومك، ﴿وإنا لنظنك من الكاذبين﴾ في ادعاء الرسالة.
﴿قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من ربّ العالمين أُبلغكم رسالاتِ ربي وأنا لكم ناصح أمين﴾، يحتمل أن يريد أمانته على الوحي، أو أنهم كانوا قد عرفوه بالأمانة والصدق قبل الرسالة. ثم قال :﴿أوَ عجبتم﴾ من ﴿أن جاءكم ذِكرٌ من ربكم على رجل منكم لينذركم﴾، تقدم تفسيرها.
٣٦٦
قال البيضاوي : وفي ذكر إجابة الأنبياء الكفرةَ عن كلماتهم الحمقاء بما أجابوا به والإعراض عن مقالتهم : كمال النصح والشفقة، وهضم النفس، وحسن المجادلة، وهكذا ينبغي لكل ناصح، وفي قوله :﴿وأنا لكم ناصح أمين﴾ : تنبيه على أنهم عرفوه بالأمرين. هـ.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦٦


الصفحة التالية
Icon