جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٧٣
الإشارة : يؤخذ من قوله :﴿ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها﴾ أن إقامة الشرائع، وظهور الدين من علامة إصلاح الأرض وبهجتها، وخصبها وعافيتها، وترك الشرائع وظهور المعاصي من علامة فساد الأرض وخرابها. ويؤخذ من قوله :﴿ولا تقعدوا بكل صراط...﴾ الآية، أن حض الناس على الإيمان ودلالتهم على الله من أفضل القربات عند الله، وأعظم الوسائل إلى الله.
ويؤخذ من قوله :﴿وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله﴾ أن الإنسان لا يقف مع ظاهر الوعد والوعيد، ولعل الله تعالى علَّق ذلك الوعد أو الوعيد بشروط وأسباب أخفاها، ولذلك كان العارف لا يزول اضطراره، ولا يكون مع غير الله قراره. وفي بعض الآثار القدسية :" يا عبدي لا تأمن مكري وإن أمَّنتك، فعلمي لا يحيط به محيط " والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٧٣
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وما أرسلنا في قرية من نبي﴾ أي : رسول ﴿إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء﴾ أي : بالبؤس والضر، كالقحط والأمراض، ﴿لعلهم يضَّرَّعون﴾
٣٧٦
أي : يتضرعون ويتذللون، ﴿ثم بدَّلنا مكانَ﴾ الحالة ﴿السيئةِ﴾ الحالة ﴿الحسنةَ﴾ أي : أعطيناهم، بدل ما كانوا فيه من البلاء والشدة، السلامة والسعة، ﴿حتى عَفَوا﴾ : كثروا عَددًا وعُددًا، يقال : عفا النبات : إذا كثر، ومنه :" اعفُو اللِّحى " ﴿وقالوا قد مسَّ آباءنا الضراءُ والسراءُ﴾ ؛ كُفرًا لنعمة الله عليهم، ونسيانًا لذكره، واعتقادًا بأنه من عادة الدهر يتعاقب في الناس بين السراء والضراء، فقد مس آباءنا منه شيء مثل ما مسنا، ﴿فأخذناهم بَغتةً﴾ : فجأة ﴿وهم لا يشعرون﴾ بنزول العذاب.


الصفحة التالية
Icon