قوله تعالى :﴿ولكن كذَّبوا﴾ أي : شكُّوا في هذا الوعد فلم يتقوا بالإيمان والتقوى حتى يتركوا الأسباب، والشاك في الصادق المصدوق مكذب. وقال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه : للناس أسباب، وسببنا الإيمان والتقوى، ثم تلا هذه الآية :﴿ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا...﴾ الآية، وقد تقدم عند قوله :﴿الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوَاْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ﴾ [الأنعَام : ٨٢]. ما يتعلق بالأمن من مكر الله.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٧٦
الإشارة : إظهار المِحَن والمِنَن وتعاقبهما على الإنسان، حكمتها : الرجوع إلى الله، وتضرع العبد إلى مولاه، فمن فعل ذلك كان معتمدًا عليه في الحالتين، مغترفًا من بحر المنة بكلتا اليدين، ومن نزلت به المحن ثم أعقبته لطائف المنن، فلم يرجع إلى مولاه، ولا شكره على ما خوله من نعماه، بل قال : هذه عادة الزمان ؛ يتعاقب بالسراء والضراء على الإنسان، فهذا عبد منهمك في غفلته، قد اتسعت دائرة حسه، وانطمست بصيرة قدسه، يصدق عليه قوله تعالى :﴿أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ أَضَلُّ أُوْلِئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ﴾ [الأعرَاف : ١٧٩].
وقال القشيري في قوله تعالى :﴿ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا...﴾ الآية : أي : لو آمنوا بالله واتَّقُوا الشرك ﴿لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض﴾ بأسباب العطاء، فإن سَبَقَ بخلافه القضاء فأبواب الرضا، والرضا أتم من العطاء. ويقال : ليس العبرة بالنعمة ؛ العِبرة بالبركة في النعمة. هـ.
٣٧٧


الصفحة التالية
Icon