﴿قال الملأُ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم﴾، قيل : هو وأشرافُ قومه، على سبيل المشاورة في أمره، فحكى عنه في سورة الشعراء، وعنهم هنا، أو قاله هو ووافقوه عليه، كعادة جلساء الملوك مع أتباعهم. ﴿يريد أن يُخرجكم من أرضِكم﴾ بالحيل، أو بالقتال، أو بإخراج بني إسرائيل، وكانوا خدامًا لهم، فتخرب البلد من بعدهم، لأنهم خدامها وعمارها. قال فرعون :﴿فماذا تأمرون﴾ أي : تُشيرون عليَّ أن أفعل ؟ ﴿قالوا أرجِه﴾ أي : أخّره ﴿وأخاه﴾ أي : أخرّهما حتى تنظر في أمرهما، وقيل : أمروه بسجنهما، ﴿وأرسل في المدائن﴾ أي : مدائن عمالتك ﴿حَاشرين﴾ يحشرون لك السحرة، ﴿يأتوك بكلِّ ساحرٍ عليم﴾.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٨٠
قلت : من قرأ :(أإن) بهمزتين، فهو اسم استفهام، ومن قرأ بهمزة واحدة، فيحتمل أن يكون خبرًا، كأنهم قالوا : لا بد لنا من أجر، أو استفهامًا حُذفت منه الهمزة، والتنكير للتعظيم، واستأنف الجملة، كأنها جواب عن سائل قال : فماذا قالوا إذ جاؤوا ؟ قالوا : إن لنا لأجرًا... الخ، و(إنكم) : عطف على ما سدّ مسده نعم، من تمام الجواب، كأنه قال : نعم نعطيكم الأجر ونقربكم.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وجاء السحرةُ فرعونَ﴾ بعد ما أرسل الشرطة في طلبهم، ﴿قالوا﴾ لما وصلوا إليه :﴿إن﴾ أئن ﴿لنا لأجرًا إن كنا نحن الغالبين﴾ لموسى ؟ ﴿قال نعم﴾ إن لكم أجرًا ﴿وإنكم لَمِنَ المقربين﴾ إليّ. فأنعم لهم بالأجر، وزادهم التقريب منه والجاه عنده ؛ تحريضًا لهم. واختُلف في عدد السحرة اختلافًا متباينًا، من سبعين رجلاً إلى سبعين ألفًا، وكل ذلك لا أصل له في صحة النقل.
٣٨١


الصفحة التالية
Icon