﴿قال ربِّ أرني أنظر إليك﴾ أي : أرني نفسك أنظر إليك، بأن تكشف الحجب عني، حتى أنظر إلى ذاتك المقدسة من غير واسطة، كما أسمعتني كلامك من غير واسطة. قال البيضاوي : وهو دليل على أن رؤيته تعالى جائزة في الجملة ؛ لأن طلب المستحيل من الأنبياء محال، وخصوصًا ما يقتضي الجهل بالله، ولذلك رده بقوله تعالى :﴿لن تراني﴾ دون لن أُرِى ولن أريك، ولن تنظر إليّ، تنبيهًا على أنه قاصر عن رؤيته لتوقفها على حال في الرائي، لم توجد فيه بعدُ، وجعلُ السؤال لتبكيت قومه الذين قالوا :﴿أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً﴾ [النَّساء : ١٥٣] خطأ، إذ لو كانت الرؤية ممتنعة لوجب أن يجهلهم ويزيح شبههم، كما فعل بهم حين قالوا :﴿أجْعَل لَّنَآ إِلَهًا﴾ [الأعرَاف : ١٣٨]، والاستدلال بالواجب على استحالتها أشد خطأ، إذ لا يدل الإخبار عن عدم رؤيته أياه على أنه لا يراه أبدًا، وألا يراه غيره أصلاً، فضلاً عن أن يدل على استحالتها. ودعوى الضرورة فيه مكابرة وجهالة بحقيقة الرؤية. هـ.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٩٠