الإشارة : قد وقع التفضيل في مقامات الأولياء كالأنبياء، لكن لا ينبغي تعيين الفاضل من المفضول، لِما يؤدي إليه من التنقيص فيؤدي إلى الغيبة، والتفضيل يقع بزيادة اليقين وصحة التمكين، والترقي في أنوار التوحيد وأسرار التفريد. يكون أيضًا بهداية الخلق على يده، وظهور إحسانه ورفده، فإذا رأى العبدُ أنه لم يبلغ إلى مقام غيره فلا يتمنى ذلك المقام بعينه، فقد يكون مقامه عند الله في عمله أعظم، وقد يكون أدون، فيُسيء الأدب، فالخير كله في العبودية والرضى بأحكام الربوبية، فللأقوياء نصيب مما اكتسبوا بالقوة والمجاهدة التي خلق الله فيهم، حكمةً وفضلاً، وللضعفاء نصيب مما اكتسبوا قسمة وعدلاً، ولكن يسأل الله من فضله العظيم، فإن الله بكل شيء عليم، فقد يُعطى بلا سبب ويُبَلِّغ بلا تعب.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٨
وفي الحديث عنه ﷺ أنه قال :" سَلُوا الله مِن فَضلِهِ فَإنَّ اللهَ يُحِبُ أن يُسألَ " وفي حديث أخر :" مَن لَم يَسألِ اللهَ يَغضَب عَلَيهِ " وقال الورتجبي : أمر بالسؤال ونهى عن التمني ؛ لأن السؤال افتقار، والتمني، اختيار. هـ. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٨
٣٩
قلت : التنوين في " كل " : للعوض، و ﴿مما ترك﴾ بيان للمعوض منه، أي : ولكل مال مما ترك الوالدان والأقربون جعلنا موالي : أي : ورثة، وهم الذرية والعصبة يرثون من ذلك المال، والوالدان على هذا فاعل، ويحتمل أن يكون مبتدأ والتنوين عوض عن الميت الموروث، أي : ولكل ميت جعلنا ورثة يرثون مما ترك ذلك الميت، وهم الوالدان والأقربون فيوقف على ﴿ترك﴾، و ﴿مما﴾ يتعلق بمحذوف، و ﴿الذين﴾ مبتدأ، و ﴿فآتوهم﴾ خبر، دخلت الفاء لما في المبتدأ من العموم.