قلت :﴿فالصالحات﴾ مبتدأ، وما بعده إخبار عنه، وأتى بالفاء المؤذنة بالنسببية والتفريع، وكأنه تعالى يقول : الرجال قوامون على النساء، فمن كانت صالحة قام عليها بما تستحقه من حسن المعاشرة، ومن كانت ناشزة عاملها بما تستحقه من الوعظ وغيره. وكل ما هنا من لفظ (ما) فهي مصدرية. إلا ما قرأ به أبو جعفر :[بما حفظ الله] بالنصب، فهي عنده موصولة اسمية، أي : بالأمر الذي حفظ الله ؛ وهو طاعتها لله فحفظها بذلك، وقيل إنها مصدرية. انظر الثعلبي.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿الرجال قوّامون على النساء﴾ أي : قائمون عليهن قيام الولاة على الرعية، في التأديب والإنفاق والتعليم، ذلك لأمرين : أحدهما وهبي، والآخر كسبي ؛ فالوهبي : هو تفضيل الله لهم على النساء بكمال العقل وحسن التدبير ومزيد القوة في الأعمال والطاعات، ولذلك خُصوا بالنبوة، والإمامة، والولاية، وإقامة الشعائر، والشهادة، في مجامع القضايا، ووجوب الجهاد والجمعة ونحوهما، والتعصيب، وزيادة السهم في الميراث، والاستبداد بالطلاق. والكسبي هو :﴿بما أنفقوا من أموالهم﴾ في مهورهن، ونفقتهن، وكسوتهن.
فيجب على الزوج أن يقوم العدل في أمر نسائه، فالمرأة الصالحة القانتة، أي : المطيعة لزوجها ولله تعالى، الحافظة للغيب، أي : لما غاب عن زوجها من مال بيته وفرجها وسر زوجها، حفظت ذلك بحفظ الله، أي : بما جعل الله فيها من الأمانة والحفظ، وبما ربط على قلبها من الديانة، أو بحفظها حق الله، فلما حفظت حقوق الله حفظها الله بعصمته، لقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" احفَظَ اللهَ يَحفَظكَ " فمن كانت على هذا الوصف من النساء فيجب على الزوج حُسن القيام بها، ومقابلتها في القيام بما قابلته من الإحسان، وعنه ﷺ أنه قال " خير النساء أمرأةٌ إن نَظَرتَ إلَيهَا سَرَّتكَ، وإن أمرتها أطَاعَتكَ، وإن غِبتَ حفظتك في مَالِها ونَفسِهَا " وتلا هذه الآية.