جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٠
وأما النساء التي ﴿تخافون﴾ أي : تتيقنون ﴿نشوزهن﴾ أي : ترفعهن عن طاعة أزواجهن وعصيانهن، ﴿فعظوهن﴾ بالقول، فإن لم ينفع فاهجروهن في المضاجع، أي : لا تدخلوا معهن في لحاف، أو لا تجامعوهن، فإن لم ينفع فاضربوهن ضربًا غير مؤلم ولا شائن. قال ﷺ :" عَلِّق السَّوطَ حَيثُ يَرَاهُ أهلُ البيت " وعن أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ قالت :( كنتُ رابعَ نسوة عند الزبير بن العوام، فإذا غضب على إحدانا، ضربها بعود المِشجب، حتى ينكسر). والمشجب : أعواد مركبة يجعل عليها الثياب.
٤١
﴿فإن أطعنكم﴾ يا معشر الأزواج، أو عقدن التوبة مما مضى، ﴿فلا تبغوا عليهن سبيلاً﴾ أي : لا تطلبوا عليهن طريقًا تجعلونه سبيلاً لإيذائهن، بل اجعلوا ما كان منها من النشوز كأن لم يكن، ( فإنَّ التَّائِبَ مِن الذَّنبِ كَمَن لا ذَنَب لَهُ). وقال ابن عُيَيْنَة : أي لا تكلفوهن بحبكم. هـ. وقال الورتجبي : إذا حصل منهن صورة طاعة الرجال فلا يطلب منهن موافقة الطباع، فإن ذلك منازعة للقدر. قال تعالى :﴿لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ﴾ [الرُّوم : ٣٠]، وذكر حديث " الأروَاح جُنودٌ مُجنَّدةٌ ". ثم هدد الأزواج فقال :﴿إن الله كان عليًّا كبيراً﴾ فاحذروه، فإنه أقدر عليكم منكم على من تحت ولايتكم، أو : إنه على علو شأنه، يتجاوز عن سيئاتكم، فأنتم أولى بالعفو عن نسائكم، أو : أنه يتعالى ويَكبر أن يظلم أحدًا أو يُنقص حقه.


الصفحة التالية
Icon