وسبب نزول الآية : أن سَعدَ بنَ الرَّبِيع، وَكَانَ مِن النُقَبَاءِ، لَطَمَ امرأته حَبيبَةَ بِنتَ زَيدِ بن أبي زُهَيرِ، وكانت نَشَزَتَ عَليهِ، فَانطَلَقَ أبُوُها معَهَا إلى رسولِ الله ﷺ فقال : أفرَشتُهُ كَرِيمَتِي فَلَطَمَها، فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" لِتقتَصَّ مِنهُ، " فَانصرَفَت لتقتصّ منه فقال ﷺ :" ارجعوا، هذا جِبرِيلُ أتَاني وأنزَلَ الله هَذِهِ الآية :﴿الرجال قوامون على النساء﴾ " إلى آخرها، فقال عليه الصلاة والسلام :" أَرَدنَا أمرًا، وأرَادَ اللهُ أمرًا، والَّذِي أرَاد اللهُ خَير " فرفع القِصَاص. وقيل : نزلت في غيره ممن وقع له مثل هذا من النشوز. والله تعالى أعلم.
الإشارة : الرجال الأقوياء قوامون على نفوسهم قهارون لها، بفضل القوة التي مكنهم الله منها، وبما أنفقوا عليها من المجاهدات والرياضات، فهم ينظرون إليها ويتهمونها في كل حين، فإن صلحت وأطاعت وانقادت لما يراد منها من أحكام العبودية، والقيام بوظائف الربوبية، عاملوها بالإكرام والإجمال، ورفعوا عنها الآداب والنكال، وإن نشزت وترفعت أدبوها وهجروها عن مواطن شهواتها ومضاجع نومها، وضربوها على قدر لجاجها وغفلتها.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٠
وكان الشيخ أبو يزيد يأخذ قبضة من القضبان ويذهب إلى خلوته، فكلما غفلت ضربها، حتى يكسرها كلها، وكان بعض أصحابنا يأخذ خشبة ويذهب إلى خلوته، فكلما غفل ضرب رأسه به، حتى يأتي رأسُه كلَّه مفلول، وبلغني أن بعض أصحابنا كان يُدخل في لحمة رجله سكيناً كلما غفل قلبه، وهذا إغراق، وخير الأمور أوسطها. وبالله التوفيق.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٠
٤٢