قلت : الشقاق : المخالفة والمساورة، وأضيف إلى الظرف توسعًا كقوله :﴿بَلْ مَكْرُ الَّيْلِ﴾ [سَبَأ : ٣٢]، والأصل : شقاقًا بينهما، والضمير في ﴿يُريدا﴾ للحكمين، وفي ﴿بينهما﴾ للزوجين، وقيل : للحكمين معًا، وقيل : للزوجين معًا.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وإن خفتم﴾ يا معشر الحكام، أي علمتم خلافَا بين الزوجين ومشاررة، ولم تدروا الظالم من المظلوم، ﴿فابعثوا﴾ رجلين أمينين يحكمان بينهما، يكون أحداهما من أهله والآخر من أهلها، لأن الأقارب أعرف ببواطن الأحوال، وأطلب للإصلاح، فإن بعثهما الحاكمُ أجنبيين صح، وكذا إن أقامهما الزوجان.
وما اتفق عليه الحكمان لزم الزوجين من خُلع أو طلاق أو وفاق. وقال أبو حنيفة : ليس لهما التطليق إلاَّ أن يجعل لهما، وإذا اختلفا لم يلزم شيء، ويستأنفان الحكم، قال ابن جُزَي : ومشهور مذهب مالك : أن الحاكم هو الذي يبعث الحكمين، وقيل : الزوجان، وجرت عادة القضاء أن يبعثوا امرأة أمينة ولا يبعثوا الحكمين، قال بعض العلماء : هو تغيير القرآن والسنة الجارية. هـ.
فإن بُعِث الحكمان، فإن أرادا إصلاحًا بين الزوجين، واتفقا عليه، وفق الله بينهما ببركة قصدهما، وفيه تنبيه على أن من أصلح نيته فيما يتحراه أصلح الله مبتغاه. ﴿إن الله كان عليمًا خبيرًا﴾ بما في الظواهر والبواطن، فيعلم كيف يرفع الشقاق ويوقع الوفاق.