قلت :﴿كيف﴾ إذا كان الكلام بعدها تامًا أُعربت حالاً، كقولك : كيف جاء زيد ؟ وإذا كان ناقصًا، كانت خبرًا، كقولك : كيف زيد ؟ وهي هنا خبر ؟ أي : كيف الأمر
٤٧
أذا... الخ. وهي مبنية لتضمنها معنى الاستفهام، والعامل في ﴿إذا﴾ مضمون المبتدأ، أو الخبر، أي : كيف يستقر الأمر أو يكون إذا جئنا ؟ ومن قرأ ﴿تَسوّى﴾ بالشد، فأصله تتسوى، أدغمت الأولى في الثانية، ومن قرأ ﴿لو تُسوّى﴾ بالبناء للمفعول فحذف الثانية.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿فكيف﴾ يكون حال هؤلاء الكفرة واليهود ﴿إذا﴾ قامت القيامة و ﴿جئنا من كل أمة بشهيد﴾ يشهد عليها بخيرها وشرها، وهو نبيهم الذي أرسل اليهم، ﴿وجئنا بك﴾ أنت يا محمد ﴿على هؤلاء﴾ الأمة التي بعثت إليهم ﴿شهيدًا﴾ عليهم، أو على صدق هؤلاء الشهداء شهيدًا، تشهد على صدق رسالتهم وتبليغهم ؟ لعلمك بعقائدهم واستجماع شرعك مجامع قواعدهم، وقيل :﴿وعلى هؤلاء﴾ الكفرة المستفهم عن حالهم، وقيل : على المؤمنين لقوله :﴿لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة : ١٤٣]. ﴿يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول﴾ أي : الذين جمعوا بين الكفر والعصيان يتمنون أن ﴿تسوى بهم الأرض﴾ فيكونون ترابًا لما يرون من هول المطلع، فإذا شهدت عليهم الرسل بالكفر قالوا :﴿واللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعَام : ٢٣]، فيُنطق ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بشركهم فيفتضحون ﴿ولا يكتمون الله حديثاً﴾ واحدًا، لأنهم كلما هموا بالكتمان شهدت عليهم جوارحهم بالكفر والعصيان.
وقيل : إن القيامة مواطن، في موطن لا يتكلمون ولا تسمع إلا همسًا، وفي موطن يتكلمون ويقولون : والله ربنا ما كنا مشركين، إلى غير ذلك من اختلاف أحوالهم. والله تعالى أعلم.