قلت :﴿ما﴾ من شأنها أن تقع على ما لا يعقل، وهنا وقعت على النساء لقلة عقلهن حتى التحَقْنَ بمن لا يعقل و ﴿مثنى وثلاث ورباع﴾ أحوال من ﴿ما﴾ ممنوعة من الصرف للوصف والعدل، أي : اثنتين اثنتين، وثلاثاً ثلاثاً، وأربعًا أربعا.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وإن خفتم﴾ يا معشر الأولياء إلاَّ تعدلوا ﴿في اليتامى﴾ التي تحت حجركم إذا تزوجتم بهن طلبًا لمالهن، مع قلة جمالهن، فتهجروهن أو تسيئوا عشرتهن، ﴿فانكحوا ما طاب لكم﴾ من غيرهن، أو : وإن خفتم ألا تُقسطوا في صداقهن إذا أعجبنكم لِمَالِهنّ ـ الذي بيدكم ـ وجمالهن، فانكحوا غيرهن، ولا تنكحوهن إلا إذا أعطيتموهن صداق أمثالهن.
قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ :(هي اليتيمة تكون في حِجر وليها، فيرغب في مالها وجمالها، ويرد أن ينكحها بأدنى صداقها، فنُهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق، وأُمِروا أن ينكحوا ما سواهن من النساء). رواه البخاري.
وقال ابن عباس رضي الله عنه : ـ ( إن الرجل منهم كان يتزوج العشرة وأكثر ـ يعني قبل التحريم ـ فإذا ضاق ماله أخذ من مال يتيمه)، فقال لهم : إن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ـ أي : في أموالهن ـ فانكحوا ما طاب لكم من غيرهن ﴿مثنى وثلاث ورباع﴾ أي : اثنتين اثنتين لكل واحدٍ، أو ثلاثاً ثلاثاً، أو أربعًا أربعًا، ولا تزيدوا، فمنع ما كان في الجاهلية من الزيادة على الأربع، وهو مُجمع عليه بنص الآية، ولا عبرة بمن جوَّز تسعًا لظاهر الآية ؛ لأن المراد التخيير بين تلك الأعداد، لا الجمع، ولو أراد الجمع لقال تسعًا، ولم يعدل عن ذلك إلى ما هو أطول منه وأقل بيانًا.