الإشارة : قال الورتجبي : وبَّخ الله تعالى أهل ظاهر العلم الذين اختاروا الرياسة، وأنكروا على أهل الولاية، وآثروا صحبة المخالفين، يقبلون هواجس نفَوسهم التي هي الجبت، ويَحظُون على آثار الطاغوت، التي هي إبليس. هـ.
قلت : وينسحب التوبيخ على من فضّل أهل الظاهر على أهل الباطن، وفضَّل العلماء على الأولياء، ويقولون : هم أهدى منهم سبيلاً. هيهات! بينهم من البَون ما بين السماء والأرض.
والكلام إنما هو في التفضيل بين العارفين بالله، الذين جمعوا بين الفناء والبقاء، وبين العلماء والأتقياء.
٥٥
وأما العُبَّاد والزهاد والصالحون فلا شك أن العلماء الأتقياء أفضل منهم، وإليهم أشار ﷺ بقوله :" فَضلُ العَالِمِ على العابِد كَفَضِلِي عَلَى أدناكُم " وكذلك الأحاديث التي وردت في تفضيل العلماء. وأما العارفون بالله فهم أعظم العلماء، لأن علمهم متعلق بذات الله كشفًا وذوقًا، وعلماء الظاهر علمهم متعلق بأحكام الله. مفرقُون عن الله، بل هم أشد حجابًا من غيرهم عن الله. قال بعض الأولياء : أشد الناس حجابًا عن الله : العلماء ثم العباد ثم الزهاد. هـ. لأن حلاوة ما هم فيه تمنعهم عن الانتقال عنه، وقد تقدم الكلام عند قوله :﴿كُنتٌمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عِمرَان : ١١٠] بأبلغ من هذا. والله تعالى أعلم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٥٤
قلت :﴿أم﴾ : منقطعة، بمعنى بل، والهمزة للإنكار، وهو إنكار وجحدٌ لما زعمت اليهود من أنَّ المُلكَ سيصيرُ لهم، و ﴿إذًا﴾ إن فُصل بينها وبين المضارع، بـ " لا " ففيها الإهمال والإعمال، وقد قرىء :(وإذًا لا يلبثوا)، والنقير : النقرة التي في ظهر النواة، وهو هنا كنابة عن نهاية بخلهم.


الصفحة التالية
Icon