يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله﴾ فيما أمركم به ونهاكم عنه، ﴿وأطيعوا الرسول﴾ كذلك. ﴿وأولي الأمر منكم﴾ أي : مَن ولي أمرَكم. من وُلاَةِ العدل كالخلفاء والأمراء بعدهم، تجب طاعتهم فيما أمَروُا به من الطاعة دون المعصية إلا لخوف هرج، قال عليه الصلاة والسلام :" إنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعرُوف "، فأن لم يعدل : وجبت طاعته خوفًا من الفتنة. وهذا هو الأصح. لقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" سَيَليكم ولاة، فيليكم البَرُّ ببره، والفاجر بفجوره، فاستمعوا لهم، وأطيعوا في كل ما وافق الحق، فصلوا وراءهم، فإن أحسنوا فلهم، وإن أساؤوا فلكم وعليهم " رواه أبو هريرة.
وفي حديث آخر :" لا أن تَروا كُفرًا بَوَاحًا، لكم عليه من اللهِ بُرهَانٌ " أي : فيجب عزلهم. وقال أيضًا ﷺ لما سأله أبو وائل فقال : يا رسول الله ؛ أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعوننا حقنا ويسألون حقهم ؟. فقال ﷺ :" اسمَعُوا وأطِيعُوا، فَإنَّ عليهم ما حُمِّلُوا وَعَليكُم ما حُملتم ". وقال جابر بن عبد الله والحسن والضحاك ومجاهد : أولو الأمر هم الفقهاء والعلماء، أهل الدين والفضل، يُعلَّمون الناس معالم دينهم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، دليله. قوله تعالى :﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِى الأَمْرِ مِنْهُمْ...﴾ [النساء : ٨٣] الآية. قال أبو الأسود : ليس شيء أعز من العلم، الملوك حُكَّام على الناس، والعلماء حُكَّام على الملوك. هـ.
﴿فإن تنازعتم﴾ أنتم وأولو الأمر، أو بعضكم مع بعض ـ أي : اختلفتم في حكم شيء من أمر الدين فلم تعلموا حكمه، ﴿فردّوه إلى الله﴾ أي : إلى كتاب الله، ﴿و﴾ إلى ﴿الرسول﴾ في زمانه، أو سنته بعد موته، فإن لم يوجد بالنص فبالقياس. فالأحكام ثلاثة : مثبت بالكتاب، ومثبت بالسنة، ومثبت بالرد إليهما على وجه القياس. وعن
٦٠


الصفحة التالية
Icon