قلت :﴿توابًا رحيمًا﴾ مفعولاً (وَجَدَ) أن كانت علمية، أو ﴿توابًا﴾ حال، و ﴿رحيمًا﴾ بدل منه، أو حال من ضميره إن فسرت بصادف.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وما أرسلنا من رسول﴾ من لدن آدم إلى زمانك، ﴿إلا ليُطاع بإذن الله﴾ وأمره بطاعته، فمن لم يطعه ولم يرض بأحكامه فهو كافر به. ﴿ولو أنهم﴾ أي : المنافقون حين ﴿ظلموا أنفسهم﴾ بالترافع إلى غيرك، والتحاكم إلى الطاغوت ﴿جاؤوك﴾ تائبين ﴿فاستغفروا الله﴾ بالتوبة، ﴿واستغفر لهم الرسول﴾ حين اعتذروا إليه حتى انتصب لهم شفيعًا، ﴿لوجدوا الله﴾ أي : تحققوا كونه ﴿توابًا رحيمًا﴾، قابلاً لتوبتهم متفضلاً عليهم بالرحمة والغفران. وإنما عدل عن الخطاب في قوله :﴿واستغفر لهم الرسولُ﴾ ولم يقل : واستغفرت لهم، تفخيمًا لشأنه، وتنبيهًا على أن من حق الرسول أن يقبل اعتذار التائبين، وإن عَظُم جُرمُهم، ويشفع لهم، ومن جلالة منصبه أن يشفع في عظائم الذنوب وكبائرها.
ثم أقسم بربوبيته على نفي إيمان من لم يرض بحكم رسوله، فقال :﴿فلا وربك لا يؤمنون﴾ إيمانًا حقيقيًا ﴿حتى يحكموك﴾ أي : يترافعوا إليك، راضين بحكمك، ﴿فيما
٦٣
شَجَر بينهم﴾ أي : اختلط بينهم واختلفوا فيه ﴿ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا﴾ أي : ضيقًا وشكًا ﴿مما قضيت﴾، بل تنشرح صدورهم لحكمك ؛ لأنه حق من عند الله. ﴿ويُسلموا﴾ لأمرك ﴿تسليمًا﴾. أي ينقادوا لأمرك ظاهرًا وباطنًا.