يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ تأهبوا واستعدوا لجهاد الأعداء، و ﴿خذوا حذركم﴾ منهم ؛ بالعُدَّةِ والعَدَد، ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، ولا حجة فيه للقدرية ؛ لأن هذا من الأسباب التي ستر الله بها أسرار القدرة. وقد قال لنبيِّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ :﴿قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا﴾ [التوبة : ٥١] وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" اعقلها وتوكل " وفي ذلك طمأنينة للقلوب التي لم تطمئن وتشريعًا للضعفاء، فإذا تأهبتم واستعددتم ﴿فأنفروا﴾ أي : اخرجوا إلى الجهاد ﴿ثُباتٍ﴾ أي : جماعات متفرقة، سرية بعد سرية، ﴿أو انفروا جميعًا﴾ أي : مجتمعين مع نبيكم، أو مع أميركم.
﴿وإن منكم﴾ يا معشر المسلمين ﴿لمن ليبطئن﴾ الناس عن الجهاد، أول ليتثاقلن ويتخلفن عنه، وهو عبدالله بن أُبُيّ المنافق، وأشباهه من المنافقين، ﴿فإن أصابتكم
٦٧
مصيبة﴾
؛ كقتل أو هزيمة ﴿قال قد أنعم الله عليّ﴾ حين تخلفت ﴿إذا لم أكن معهم شهيدًا﴾ فيصيبني ما أصابهم. ﴿ولئن أصابكم فضل من الله﴾، كنصر وغنيمة، ﴿ليقولن﴾ لفرط عداوته :﴿يا ليتني كنتُ معهم فأفوز فوزًا عظيمًا﴾، بالمال والعز. كأن ذلك المنافق، لم يكن بينكم وبينه مودة ولا مواصلة أصلاً، حيث يتربص الدوائر، يفرح بمصيبتكم ويتحسر بعزكم ونصركم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦٧


الصفحة التالية
Icon