قال بضع المشايخ : انتهى سير السائرين إلى الظفر بنفوسهم. فإن ظفروا بها وصلوا. هـ. وحينئٍذ تذهب عنه المتاعب والأنكاد، وتصير الأزمنة كلها عنده مواسم وأعياد، ويقال له حينئٍذ :
لك الدهرُ طوعٌ والأنامُ عبِيدُ
فعِش كلٌّ يومٍ مِن أَيَّامك عِيدُ
٦٨
ويقال له أيضًا :
بَدَا لكَ سِرٌّ طَالَ عنكَ اكتِتَامُهُ
ولآحَ صَباحٌ كُنتَ أنتَ ظَلاَله
فأنتَ حِجابُ القلبِ عن سِرًّ غيبِه
ولَولاكَ لم يُطبع علَيهِ خِتَامُهُ
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦٧
إذا غبتَ عَنه حَلَّ فِيهِ وطَنَّبت
على موكبِ الكَشفِ المَصُون خِيامُهُ
وجاءَ حديثٌ لا يُملُ سَماعُهُ
شَهيٌّ الينا نَثرُهُ ونِطَامُهُ
إذا سَمِعتهُ النفسُ طابَ نعيمُهَا
وزالَ عَنِ القلبِ المُعَنَّى غَرَامُهُ
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦٧
قلت :﴿ما﴾ مبتدأ. و ﴿لكم﴾ خبر. و ﴿لا تقاتلون﴾ حال، و ﴿المستضعفين﴾ عطف على اسم الجلالة، أي : أيَ شيء حصل لكم حال كونكم غير مجاهدين في سبيل الله وفي تخليص المستضعفين ؟ و ﴿الظالم﴾ نعت للقرية، وإنما ذُكَّر ولم يؤنث، لأنه أسند إلى المذكر، واسم الفاعل إذا جرى على غير مَن هُوَ لَهُ أجرى مجرى الفعل، فيذكر ويؤنث باعتبار الفاعل.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وما لكم﴾ يا معشر المسلمين ﴿لا تقاتلون في سبيل الله﴾، وفي تخليص إخوانكم ﴿المستضعفين﴾ بمكة، الذين حبسهم العدو أو أسرهم ومنعهم من الهجرة ؛ ﴿من الرجال والنساء والولدان﴾، فهم في أيديهم مغللون ممتحنون. قال البيضاوي : وإنما ذكر الولدان مبالغة في الحث وتنبيهًا على تناهي ظلم المشركين بحيث بلغ أذاهم الصبيان، وأن دعوتهم أجيبت بسبب مشاركتهم في الدعاء، حتى تشاركوا في استنزال الرحمة واستدفاع البلية. هـ.


الصفحة التالية
Icon