يقال لهم :﴿هذا ما كنزتم لأنفسكم﴾ أي : لمنفعتها، وكان عينَ مضرتها وسببَ تعذيبها، ﴿فذُوقوا ما كنتم تكنِزُون﴾ أي : وبال كنزكم، أو ما كنتم تكنزونه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :" مَا مِنْ صَاحِب ذهبٍ ولا فضْةٍ لا يُؤدِّي منها حقّها إلاّ إذا كان يومُ القيامة صُفحت له صفائح من نَار، فأحمي عليها من نار جهنم، فيُكوى بها جبينُه وجنبه وظهرُه، كلما بردت أُعيدت له، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله : إما إلى الجنة وإما إلى النار ". رواه مسلم بطوله.
قال ابن عطية : روي أن أصحاب النبي ﷺ قالوا : قد ذم الله تعالى كسب الذهب والفضة، فلو علمنا أي المال خير حتى نَكْسبه ؟ فقال عمر : أنا أَسأل لكم رسول الله ﷺ، فسأله، فقال :" لِسان ذاكر، وقلب شَاكر، وزَوْجَة تُعينُ المرء على دينهِ ". ورُوي أن النبي ﷺ قال، لما نزلت الآية :" تَبّاً للذَّهَبِ والفِضَّةِ ". فحينئذٍ أشفق أصحابه، وقالوا ما تقدم. هـ. لابن حجر.
من خير ما يتخذ الإنسانُ
في دنياه كيما يستقيمَ دينُه
قلبٌ شكور، ولسانٌ ذاكر،
وزوجةٌ صالحة تُعينُه
وهو نظم لهذا الحديث، وقد تكلم عليه في المجامع وشرحِه. قاله المحشي.
الإشارة : هذه الآية تغبُر في وجوه علماء السوء، الذين يتساهلون في أكل الدنيا بالعلم، كقبض الرشا، وقبض ما فوق أجرته في الأحكام، فترى بعض قضاة الجور يقبضون المثاقيل على إنزال يده على الحكم، مع أنه واجب عليه، حيث تعين عليه بنصب الإمام له، وتجر ذيلها على أغنياء الدنيا، الذين يجمعون الأموال ويكنزونها، فترى أحدهم ينفق في نزهته وشهوة نفسه الأموال العريضة، وإذا أتاه فقير يسأله درهماً أو درهمين، تَمَعَّر وجهه، وتغير لونه، فبشرهم بعذاب أليم. وبالله التوفيق.
٧٣
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٧٢


الصفحة التالية
Icon