قلت :" إن " : شرط، وجوابه محذوف، دلّ عليه قول :﴿فقد نصره الله﴾ أي : إن لم تنصروه فسينصره الله، الذي نصره حين أخرجه الذين كفروا، حال ثاني اثنين، فدل بنصره في الماضي على نصره في المستقبل، وإسناد الإخراج إلى الكفرة ؛ لأن همهم بإخراجه أو قتله كان سبباً لإذن الله له في الخروج، و (إذ هُما) : بدل من (أخرجه) ؛ بدل البعض، و (إذ يقول) : بدل ثان، و (كلمة الله) : مبتدأ، و (العليا) : خبر، وقرأ يعقوب : بالنصب ؛ عطفاً على ﴿كلمة الذين كفروا﴾، والأول : أحسن ؛ للإشعار بأن كلمة الله عالية في نفسها، فاقت غيرها أم لا.
يقول الحق جل جلاله :﴿إلاّ تنصروهُ﴾ ؛ تنصروا محمداً، وتثاقلتم عن الجهاد معه، فسينصره الله، كما نصره حين ﴿أخرجه الذين كفروا﴾ من مكة، حال كونه ﴿ثاني اثنين﴾ أي : لم يكن معه إلا رجل واحد، وهو الصدِّيق، ﴿إِذْ هما في الغار﴾ ؛ نقب في أعلى غار ثور، وثور جبل عن يمين مكة، على مسيرة ساعة. ﴿إِذْ يقول لصاحبه﴾ : أبي بكر رضي الله عنه :﴿لا تحزنْ إنَّ الله معنا﴾ بالعصمة والنصرة.
رُوي أن المشركين طلعوا فوق الغار يطلبون رسول الله ﷺ، حين فقدوه من مكة، فأشفق أبو بكر على رسول الله ﷺ، فقال عليه الصلاة والسلام :" ما ظَنُّكَ باثنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهِما " فأعماهم الله عن الغار، فجعلوا يترددون حوله فلم يروه. وقيل : لما دخل الغار
٧٧
بعث الله حمامتين، فباضتا في أسفله، والعنكبوت نسجت عليه.


الصفحة التالية
Icon