اللهِ، فنشطه قوله، ثم قال :" سِيرُواعَلَى بَركَةِ الله، وأبْشِرُوا ؛ فِإنَّ الله قد وَعَدَنِي إِحْدَى الطَّائفَتَينِ، واللهِ لكأنّي أنْظرُ إلى مَصارع القَوْم ". ثم مضى رسول الله ﷺ حتى نزل بأصحابه آخر مياه من مياه بدر، فَبُني له هناك عريش، فجلس فيه هو وأبو بكر، فلما انتشب القتال أخذ قبضة من تراب فرمى بها وجوه القوم، وقال : شاهت الوجوه، فلم تبق عين من الكفار إلا وقع فيها شيء منها، ونزلت الملائكة في العنان، أي : السماء، فقتل منهم سبعون، وأُسر سبعون، وقيل : إن رسول الله ﷺ لما فرغ من غزوة بدر، قيل له : عليك بالعير، فقال العباس ـ وقد أعطاك ما وعدك، فكره بعضهم قوله، ثم رجع ﷺ إلى المدينة منصوراً فرحاً مسروراً، وقد أنجزه الله ما وعده. الإشارة : من حكمته تعالى الجارية في عبادة أن كل ما يثقل على النفوس ويشق عليها في بدايته تكون عاقبته الفتح والنصر، والهناء والسرور، فكل ما تكرهه النفوس فغايته حضرة القدوس، وما تحقق سير السائرين إلا بمحاربة نفوسهم ومخالفة عوائدهم. وفي الحديث عنه صلىالله عليه وسلم، قال لابن عباس في حديث طويل :" وَفِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْر كَثِير " والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥
قلت :﴿وإذ﴾ : ظرف لاذكر، محذوفة، و ﴿أنها لكم﴾ : بدل اشتمال من ﴿إحدى الطائفتين﴾ ؛ والشوكة : الحدة، مستعارة من واحد الشوك، وسميت الحرب شوكة لحدة سلاحها.


الصفحة التالية
Icon