قال ابن عطية : قوله :﴿الذين صدقوا﴾ يريد : في استئذانك، وأَنك لو لم تأذن لهم لخرجوا معك، وقوله :﴿وتعلم الكاذبين﴾ يريد : أنهم استأذنوك يظهرون لك أنهم يقفون عند حدِّك، وهم كَذَبة، قد عزموا على العصيان، أذِنتَ أو لم تأذن. هـ. قال ابن جزي : كانوا قد قالوا : استأذنوه في القعود، فإن إذن لنا قعدنا، وإن لم يأذن قعدنا، وإنما كان يظهر الصادق من الكاذب لو لم يأذن لهم، فحينئذٍ كان يقعد العاصي والمنافق، ويسافر المطيع الصادق. هـ.
﴿لا يستأذنُك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يُجاهدوا بالله واليوم الآخر أن يُجاهدوا بأموالهم وأنفسهم﴾ أي : ليس من عادة المؤمنين أن يستأذنوك في أن يجاهدوا، بل الخُلَّص منهم يُبادرون إليه، ولا يوقفُونه على الإذن فيه، فضلاً عن أن يستأذنوا في التخلف عنه، ﴿والله عليم بالمتقين﴾ ؛ فيثيبهم ويقربهم، وهي شهادة لهم بالتقوى وَعِدَةً لهم بثوابه.
﴿إنما يستأذنكَ﴾ في التخلف ﴿الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر﴾، وخصص ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر ؛ إشعاراً بأن الباعث على الجهاد والوازع عنه : الإيمان وعدم الإيمان بهما، ﴿وارتابت قلوبهم﴾ أي : شكَّت في الإيمان والبعث، ﴿فهم في ريبهم يترددُون﴾ : يتحيرون. ونزلت الآية في عبد الله بن أُبيّ والجَدُّ بن قيْس، وأمثالهما من المنافقين.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٧٩


الصفحة التالية
Icon