يقول الحق جل جلاله :﴿قل﴾ لهم يا محمد :﴿لن يصيبنا﴾ من حسنة أو مصيبة، ﴿إلا ما كتبَ اللهُ لنا﴾ في اللوح الحفوظ، لا يتغير بموافقتكم ولا بمخالفتكم، ﴿هو مولانا﴾ ؛ متولي أمرنا وناصرنا، ﴿وعلى الله فليتوكل المؤمنون﴾ أي : وإليه فليفوض المؤمنون أمورهم ؛ رضاَ بتدبيره ؛ لأن مقتضى الإيمان ألا يتوكل إلا على الله ؛ إذ لا فاعل سواه، ﴿قل﴾ لهم :﴿هل تربّصُون﴾ أي : تنتظرون ﴿بنا إحدى الحُسنيين﴾ أي : إلا
٨٣
إحدى العاقبتين اللتين كل منهما حسنى : إما النصر وإما الشهادة، ﴿ونحنُ نتربصُ بكم﴾ أيضاً إحدى العاقبتين السُوأتين : إما ﴿أن يصيبَكم اللَّهُ بعذابٍ من عنده﴾ بقارعة من السماء، ﴿أو بأيدينا﴾ أي : أو بعذاب بأيدينا، وهو القتل على الكفر، ﴿فتربصُوا﴾ ما هو عاقبتنا، ﴿إنا معكم مُتَربِّصون﴾ ما هو عاقبتكم.
الإشارة : ثلاثة أمور توجب للعبد الراحة من التعب، والسكون إلى رب الأرباب، وتذهب عنه حرارة التدبير والاختبار، وظلمة الأكدار والأغيار : أحدها : تحقيق العلم بسبقية القضاء والقدر، حتى يتحقق بأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه، قال تعالى :﴿قل لن يصينا إلا ما كتب الله لنا﴾، ﴿وَإن يمْسسْك اللَّهُ بضُرِّ فَلا كَاشِفَ له إلاَّ هُوَ﴾، وليتأمل قول الشاعر :
مَا لا َيُقَدِّرُ لا يَكُون بِحيلَةٍ
أَبَداً، وَمَا هُو كَائِنٌ سَيَكُونُ
سَيَكُونُ مَا هُوَ كَائِنٌ في وَقْتِهِ
وأخُو الجَهالَةِ مُتْعَبٌ مَخْزُون