يقول الحق جل جلاله :﴿وما منعهم﴾ ؛ وما منع المنافقين من قبول نفقاتهم وأعمالهم ﴿إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله﴾ ؛ إلا كُفرهم بالله وبرسوله، أو : ما منعهم الله من قبول نفقاتهم إلا لأجل كفرهم بالله وبرسوله، وكونه ﴿لا يأتُونَ الصلاةَ إلا وهم كُسَالى﴾ ؛ متثاقلين، ﴿ولا ينفقون إلا وهم كَارِهُون﴾ أي : لا يُعطون المال إلا في حال كراهيتهم للإعطاء ؛ لأنهم لا يرجون ثواباً ولا يخافون بتركها عقاباً، فهم يعطون ذلك رياء ونفاقاً.
الإشارة : لا يتقبل الله إلا عمل المخلصين، إما إخلاص العوام ؛ لقصد الثواب وخوف العقاب، أو إخلاص الخواص ؛ لإظهار العبودية وإجلال الربوبية، وعلامة الإخلاص : وجود النشاط والخفة حال المباشرة للعمل، أو قبلها والغيبة عنه بعد الوقوع،
٨٥
والله أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٨٥
يقول الحق جل جلاله :﴿فلا تُعْجِبُكَ﴾، أيها الناظر إلى المنافقين، كثرةُ ﴿أموالهم ولا أولادهم﴾ ؛ فإن ذلك استدراج ووبال لهم ﴿إنما يريد اللَّهُ ليُعذِّبَهم بها في الحياة الدنيا﴾ ؛ بسبب ما يكابدون في جمعها وحفظها من المتاعب، وما يرون فيها من الأمراض والمصائب، أو ما ألزموا به من أداء زكاتها، مع كونهم لا يرجون خَلَفها ﴿وتَزْهقَ أنفُسُهم وهم كافرون﴾ ؛ فلا يستوفون التمتع بها في الدنيا ؛ لقصر مدتها، ولا يجدون ثواب ما أعطوا منها ؛ لعدم إيمانهم. وأصل الزهوق : الخروج بصعوبة، لصعوبة خروج أرواحهم، والعياذ بالله.


الصفحة التالية
Icon