فرض الله ذلك ﴿فريضة من الله﴾ أي : حقاً محدوداً عند الله. قال ابن جزي : ونصبه على المصدر ـ يعني : لفعل محذوف كما تقدم ـ فإن قيل : لِمَ ذكر مصرف الزكاة في تضاعيف ذكر المنافقين ؟ فالجواب : أنه خص مصرف الزكاة في تلك الأصناف ؛ ليقطع طمع المنافقين فيها، فاتصلت هذه الآية في المعنى بقوله :﴿ومنهم من يلمزك
٨٨
في الصدقات...﴾ هـ. ﴿والله عليمٌ حكيم﴾ ؛ يضع الأشياء في مواضعها.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٨٨
الإشارة : إنما النفحات والمواهب للفقراء والمساكين، الذين افتقروا من السِّوى، وسكنوا في حضرة شهود المولى. وفي الحكم. " ورود الفاقات أعياد المريدين، ربما وجدت من المزيد في الفاقة ما لا تجده في الصوم والصلاة، الفاقات بسُطُ المواهب. إن أردت بسط المواهب عليك فصحح الفقر والفاقة لديك. ﴿إنما الصدقات للفقراء والمساكين﴾. وقال الهروي : الفقر صفة مهجورة، وهو ألذُّ ما يناله العارف، لكونها تدخله على الله، وتجلسه بين يدي الله، وهو أعم المقامات حكماً ؛ لقطع العوائق، والتجرد من العلائق، واشتغال القلب بالله. وقيل : الفقير الصادق لا يملِك ولا يُملَك. وقال الشبلي : الفقير لا يستغني بشيء دون الله. وقال الشيخ ابن سبعين رضي الله عنه : الفقير هو الذي لا يحصره الكون. هـ. يعني : لخروج فكرته عن دائرة الأكوان، وقال القشيري : الفقير الصادق عندهم : مَنْ لا سماء تُظِله، ولا أرضَ تُقِلُّه، ولا سهم يتناوله، ولا معلومَ يشغِله، فهو عبد الله بالله. هـ.