فرحاً مسروراً، فقيل له : إنما الناس بعكس هذا، فقال : إني إذا لم يصبح عندي شيء فلي برسول الله ﷺ أُسوة، وإذا أصبح لي شيء لم يكن لي برسول الله ﷺ أسوة حسنة. هـ. وجمهور الصوفية : يفضلون الفقير الصابر على الغني الشاكر، ويُفضلون الفقر في الجملة على الغني ؛ لأنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ اختاره، وما كان ليختار المفضول. وشذ منهم يحيى بن معاذ الواعظ وأحمد بن عطاء.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٨٨
قال القشيري : كان ابن عطاء يُفضل الغنى على الفقر، فدعا عليه الجنيد فأصيب عقله ثلاثين سنة، فلما رجع إليه عقله قال : إنما أصابني ما أصابني بدعاء الجنيد. وتكلم يحيى بن معاذ، ففضل الغنى على الفقر، فأعطاه بعض الأغنياء ثلاثين ألف درهم، فدعا بعض المشايخ عليه، فقال : لا بارك الله له فيها، فخرج عليه اللص فنهبه إياها. هـ. وحكي عن أبي يزيد البسطامي : أنه قال : أًسري بروحي، فرأيت كأني واقف بين يدي الله، فسمعت قائلاً يقول : يا أبا يزيد، إن أردت القرب منا فأتنا بما ليس عندنا، فقلت : يا مولاي وأي شيء ليس عندك، ولك خزائن السماوات والأرض ؟ فسمعت : يا أبا يزيد، ليس عندي ذل ولا فقر فمن أتاني بهما بلّغته. هـ.
وقال في الإحياء : الفقر المستعاذ منه : فقر المضطر، والمسؤول هو : الاعتراف بالمسكنة والذلة والافتقار إلى الله عز وجل. هـ. قلت : والأحسن أن المستعاذ منه هو : فقر القلوب من اليقين، فيسكنها الجزع والهلع، والفقر المسؤول هو : التخفيف من الشواغل والعلائق، والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon