ثم ذكر ما أعد لهم فقال :﴿وَعَدَ اللَّهُ المؤمنين والمؤمنات جناتٍ تجري من تحتها الأنهارُ خالدين فيها ومساكن طيبةً﴾ أي : تستطيبها النفس، أو يطيب فيها العيش. وفي الحديث :" إنها قصور من اللؤلؤ والزبرجد والياقوت الأحمر ". وفي حديث آخر :" إنَّ في الجنَّة غُرفاً ظَاهِرُها من بَاطنِها مِنْ ظَاهِرهَا، أَعَدَّها اللَّهُ لِمَنْ أَطعَمَ الطَّعَام، وأَلانَ الكَلامَ، وبذَل السَّلام، وتَابَعَ الصِّيام، وصلَّى باللَّيلِ والناس نِيامٌ ". وذلك ﴿في جنات عَدنْ﴾، أي : إقامةٍ وخلود. وعنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" جنات عدن : دار الله، التي لم ترها عين، ولا تخطر على قلب بشر، لا يسكنها غير ثلاث : النبيون، والصديقون، والشهداء. يقول الله تعالى :﴿طوبى لمن دخلك﴾ قاله البيضاوي. ثم قال : ومرجع العطف فيها ـ أي : في قوله :﴿ومساكن طيبة﴾ ـ يحتمل أن يكون لتعدد الموعود لكل واحد له، أي : فكل مؤمن ومؤمنة له جنات ومساكن، أو للجميع ؛ على سبيل التوزيع، أي : فالجنات والمساكن معدة للجميع، ثم يقسمونها على حسب سعيهم في الدنيا، أو إلى تغاير وصفه ـ أي : الموعود ـ فكأنه وصفه أولاً بأنه جنس ما هو أبهى الأماكن التي يعرفونها ؛ لتميل إليه طبائعهم أول ما يقرع أسماعهم، ثم وصفه بأنه محفوف بطيب العيش، معرى عن شوائب الكدرات التي لا تخلو عن شيء منها أماكن الدنيا، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين. ثم وصفه بأنه دار إقامة وثبات في جوار رب العالمين، لا يعتريهم فيها فناء ولا تغيير.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٩٦