﴿وقَعَدَ الذين كذبوا اللَّه ورسوله﴾ من غير هؤلاء، وهم قوم لم يجاهدوا ولم يعتذروا في تخلفهم، فكذبوا في دعواهم الإيمان بالله ورسوله، يقال : كذبت فلاناً ـ بالتخفيف، أي : أخبرته بالكذب. ثم ذكر وعيدهم فقال :﴿سيُصيبُ الذين كفروا منهم عذابٌ أليم﴾ ؛ في الدنيا بالقتل، وفي الآخرة بالنار.
الإشارة : المتخلفون عن طريق الخصوص على ثلاثة أقسام :
قسم : أقروا بها، وعرفوا صحتها، ثم شحوا بأنفسهم وبخلوا بأموالهم، فاعتذروا في التخلف عنها بأعذار باطلة، هؤلاء لا حجة لهم عند الله، وقوم أقبح منهم، لم يلتفتوا إلى من جاء بها ولم يرفعوا بذلك رأساً. قال تعالى في مثلهم :﴿وقعد الذين كذبوا الله ورسوله سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم﴾.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٠٦
قلت : جواب " إذا " يحتمل أن يكون (تولوا)، وجملة (قُلتَ) : حال من الكاف في (أتوك)، أي : أتوك قائلاً لا أجد... الخ، ويحتمل أن يكون الجوابُ :" قلتَ "، و(تولوا) استئناف لبيان حالهم حينئذٍ، و(من الدمع) : للبيان، وهي مع المجرور، في محل نصب على التمييز، فهو أبلغ من تفيض دمعُها ؛ لأنه يدل على أن العين صارت دمعاً فياضاً، و(حزناً) : علة، أو حال، أو مصدر لفعل دل عليه ما قبله، (ألا يجدوا) : متعلق به، أي : حزناً على ألاّ يجدوا ما ينفقون، و (إنما السبيل) راجع لقوله :(ما على المحسنين من سبيل).
يقول الحق جل جلاله :﴿ليس على الضعفاءِ﴾ ؛ كالهرْمى، ﴿ولا على المرضى﴾ ؛ كالزّمْنَى ومن أضناه المرض، ﴿ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون﴾ في الغزو ﴿حَرَجٌ﴾ أي : لا حَرج على هؤلاء في التخلف عن الغزو، ﴿إذا نَصَحوا الله ورسوله﴾ بالإيمان والطاعة في السر والعلانية. قيل : نزلت في بني مُقرن، وهم ستة إخوة صحبوا النبي ﷺ،
١٠٧
وقيل في عبد الله بن مُغفل.


الصفحة التالية
Icon