﴿ما على المحسنين من سبيل﴾ أي : ليس عليهم جناح، ولا إلى معاتبتهم سبيل، وإنما وضع المحسنين موضع المضمر ؛ للدلالة على أنهم منخرطون في سلك المحسنين، غير معاتبين في ذلك، ﴿والله غفور رحيم﴾ بالمسيء فكيف بالمحسنين ؟ ﴿ولا على الذين إذا ما أتُوكَ لتحملَهم﴾ معك إلى الغزو، وهم البكاؤون ؛ سبعة من الأنصار : مَعقِل بن يَسَار، وصَخْر بن خنساء، وعبد الله بن كعب، وسالم بن عُمَيْر، وثَعْلَبَة بن غَنَمة، وعبد الله بن مُغفَّل، وعُلْية بن زيد. أتوا رسول الله ﷺ فقالوا : نذرنا الخروج فاحملنا على الخفاف المَرْقُوعة والنِّعال المَخْصُوفَة، نغزو معك، فقال : لا أجد، فتولَّوا وهم يبكون. وقيل : هم بنو مُقَرِّن، وقيل : أبو موسى وأصحابه، وعليه اقتصر البخاري.
﴿
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٠٧
قلت لا أجِدُ ما أحملكم عليه﴾ ؛ وليس عندي ما أحملكم عليه، ﴿تولَّوا﴾ عنك ﴿وأعيُنهم تفيضُ من الدمع﴾ أي : يفيض دمعها ؛ ﴿حزناً﴾ على ﴿ألا يجدوا ما يُنفقون﴾ في غزوهم.
زاد البخاري : فلما رجع أبو موسى وأصحابه، أُتي ـ عليه الصلاة والسلام ـ بِنَهَب إبل، فدعاهم وحملهم عليها، فقالوا : يا رسول الله، إِنَّكَ حَلَفتَ أَلا تِحْمِلنَا، فخفنا أن نكون أغفلناك يمينك، فقال :" ما أنا حملتكم، ولكن الله حملكم، وإنِّي والله، ما أحْلِفُ على يَمِينٍ فَأرَى خَيْراً مِنْها إلا كَفّرْتُ عن يَمِيني وأَتَيتُ الذي هُوَ خَيْر ". أو كما قال عليه الصلاة والسلام.