قال تعالى :﴿إنما السبيلُ﴾ أي : الحرج والمعاتبة ﴿على الذين يستأذنونك﴾ في القعود، ﴿وهم أغنياء﴾ ؛ واجدون للأهبة، ﴿رَضُوا بأن يكونوا مع الخوالِف﴾ ؛ كالنساء والصبيان، وهو استئناف لبيان ما هو السبب لاستثنائهم من غير عذر، وهو رضاهم بالدناءة، والانتظام في جملة النساء والصبيان ؛ إيثار للدعة والكسل، ﴿وطَبَعَ اللَّهُ على قلوبهم﴾ بالكفر والغفلة ؛ حتى غفلوا عن وخامة العاقبة، ﴿فهم لا يعلمون﴾ ما يؤول إليه حالهم من الندم والأسف. الإشارة : كل من لم ينهض إلى صحبة الخصوص ؛ الذين جعلهم الله أدوية القلوب، توجه العتاب إليه يوم القيامة، إذ لا يخلو من لم يصحبهم من عَيب أو نقص أو خاطر سوء، حتى ربما يلقى الله بقلب سقيم.
قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه : من لم يتغلغل في عملنا هذا، مات
١٠٨
مصراً على الكبائر وهو لا يشعر. وقال الغزالي : دواء القلوب واجب عيناً على كل مسلم، فكل من قصر في ذلك عُوقب يوم القيامة، إلا من حبسه عذر صحيح : من مرض مزمن، أو كبر سن، أو فقر مدْلق. قال تعالى :﴿ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله﴾، فإن أحبوا أولياء الله، وصدقوهم وعظموهم، ودلّوا الناس على صحبتهم، فهؤلاء محسنون، ﴿ما على المحسنين من سبيل والله غفور﴾ لضعفهم، ﴿رحيم﴾ بهم.