وقد اختلف الصوفية : أي الحالين أشرف : هل الدعاء والتضرع ؟ أو السكوت والرضى تحت مجاري الأقدار ؟ وقال بعضهم : يجب أن يكون العبد صاحب دعاء بلسانه، صاحب رضى بقلبه، ليجمع بين الأمرين. قال القشيري : والأَوْلى أن يُقال : إن الأوقات مختلفة، ففي بعض الأحوال الدعاء أفضلُ، وفي بعض الأحوال السكوت أفضل، وإنما يُعرف ذلك في الوقت ؛ لأن علم الوقت يحصل في الوقت، فإذا وجد في قلبه إشارة إلى الدعاء ؛ فالدعاء منه أولى، وإذا وجل إشارة إلى السكوت فالسكوت أتم. هـ. وقد تقدم في آل عمران إشارة الإمداد. وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٩
قلت :(إذا) بدل ثان من (إذ يعدكم)، أو متعلق بالنصر، لِمَا في (عند الله) من معنى الفعل، أو بإضمار اذكروا، ومن قرأ بضم الياء، فهو من أغشى، أي : غطى، ومن قرأ بالتشديد، فهو من غشي المضعف، وكلاهما يتعدى إلى مفعولين، الكاف الأول والنعاس الثاني، ومن قرأ بالفتح والتخفيف، فهو من غشى يغشى ؛ المتعدي إلى واحد و(وأمنة) : مفعول من أجلة.
يقول الحق جل جلاله : واذكروا ﴿إذ يُغشيكم﴾، أي : حين كان يغشيكم ﴿النُعاسَ﴾ وأنتم في القتال، حين ينزل عليكم الأمْن من العدو بعد شدة الخوف، وذلك لأجل الأمن الذي نزل من الله عليكم بعد شدة خوفكم. قال ابن مسعود رضي الله عنه : النعاس عند حضور القتال علامة أَمْنٍ مِنَ العدو.
١٠


الصفحة التالية
Icon