جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٠٩
يقول الحق جل جلاله :﴿الأعرابُ﴾، وهم سكان البادية، قال ابن عزيز : يقال : رجل أعرابي، إذا كان بدوياً. وإن لم يكن من العرب، ورجل عربي، إذا كان منسوباً إلى العرب، وإن لم يكن بدوياَ. أهل البوادي من المنافقين هم ﴿أشدُّ كفراً ونفاقاً﴾ من أهل الحاضرة، وذلك لتوحشهم وقساوتهم، وعدم مخالطتهم لأهل العلم وقلة استماعهم للكتاب، ﴿وإجدَرُ﴾ أي : أحق ﴿ألاّ يعلموا حدود ما أنزل اللَّهُ على رسوله﴾ من الشرائع وفرائضها وسننها، لبُعدهم عن مجالس العلم، ﴿والله عليمٌ حكيم﴾ ؛ يعلم كل واحد من أهل الوبَر والمدَر، حكيم فيما يدبر من إسكان البادية، أو الحاضرة، ويختار لكم واحد بحكمته البالغة ما يليق به، وسيأتي بقية الكلام على سكنى الحاضرة أو البادية في الإشارة، إن شاء الله.
﴿ومن الأعراب من يتخذ﴾ أي : يعدُ ﴿ما ينفقُ﴾ من الزكاة وغيرها في سبيل الله، ﴿مَغرَماً﴾ أي : غرامة وخسراناً ؛ إذ لا يحتسبه عند الله، ولا يرجوا عليه ثواباً، وإنما ينفقه لرياء أو تقية، فيثقل عليه ثقل المغرم الذي ليس بحق، ﴿ويتربصُ بكم الدوائرَ﴾ أي : دوائر الزمان ونُوبه، أو ينتظر بكم مصائب الزمان، لينقلب الأمر عليكم ؛ فيتخلص من الإنفاق الذي كلف به.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١١١