﴿إلمْ يعلموا أن الله هو يقبلُ التوبةَ عن عباده﴾ إذا صحت، والضمير إما للتوب عليهم، والمراد أن يُمكن في قلوبهم قبول توبتهم والاعتذار بصدقتهم، أو لغيرهم، والمراد به التحضيض على التوبه، ﴿و﴾ أنه هو الذي ﴿يأخذُ الصدقات﴾ ؛ يقبلها قبول من يأخذ شيئاً ليؤدي بدله، ﴿وأن الله هو التوابُ الرحيم﴾ أي : من شأنه قبول توبة التائبين، والمتفضل عليهم بجوده وإحسانه.
الإشارة : أخذ المشايخ من أموال الفقراء سبب في غناهم، واتساع حالهم حساً ومعنى، وقد قالوا : إذا أراد اللهُ أن يغني فقيراً سلط عليه ولياً يأخذ ماله، أو أمره شيخه بإعطاء ماله، فإن ذلك عنوان على غناه. وقد ذكر ذلك شيخ أشياخنا سيدي علي الجمل العراني في كتابه. وقد رأيت في مناقب شرفاء وزان : أن الشيخ مولاي التهامي أرسل إلى أخيه مولاي الطيب، وكان من خواص تلامذته، أن يدفع إليه جميع ماله ليصنع به كسرة للمرابطين، فأرسل له جميع ما يملك، حتى كسوة الدار وأثاث البيت، فكان ذلك سبباً في فيضان ماله، فلا تجد مدينة ولا قبيلة إلا وفيها مِلكٌ من أملاك مولاي الطيب، حتى إلى
١١٦
بلاد الجزائر وما والاها، وذلك بسبب شيخه له. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١١٦
يقول الحق جل جلاله :﴿وقل اعملوا﴾ ما شئتم من خير أو شر، ﴿فسيرى اللهُ عملَكُم﴾ ؛ فإنه لا يخفى عليه ؛ خيراً كان أو شراً، ﴿و﴾ سيرى ذلك أيضاً ﴿رسولُهُ والمؤمنون﴾، فيظهر لهم ما يبدو منكم، فإن الطول يفضح صاحبه. ﴿وستُرَدُون إلى عالم الغيب والشهادة﴾، بالموت، ﴿فينبئكم بما كنتم تعملون﴾ ؛ فيخبركم بما عملتم ؛ بالمجاوزة عليه.


الصفحة التالية
Icon