الإشارة : كل من ظهر بدعوى أو تعرض لمقام من المقامات يقال له :﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾ ؛ فإن كان إمره مبنياً على أساس الإخلاص والتقوى ثبت وانتهض، وشعشع نوره، وإن كان مبنياً على أساس، افتضح وكََسَف نوره، وسيرد الجميع إلى عالم الغيب والشهادة، فيجازي كلاً بعلمه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١١٦
قلت : الإرجاء هو التأخر، يقال : أرجاه ـ بالهمز وتركه ـ : أَخره.
يقول الحق جل جلاله :﴿وآخرون﴾ من المتخلفين، تخلفوا من غير عُذر، ولم يعتذروا بشيء، ﴿مُرْجَوْنَ﴾ أي : مؤخرون ﴿لأمرِ الله﴾ في شأنهم ؛ ﴿إما﴾ أن ﴿يُعَذِّبهم﴾ على تخلفهم عن الجهاد مع رسوله، ﴿وإما﴾ أن ﴿يتوب عليهم﴾ حيث تابوا وندموا، والترديد باعتبار العباد، وفيه دليل على أن كلا الأمرين بإرادته تعالى، ﴿والله عليم﴾ بأحوالهم، ﴿حكيم﴾ فيما فعل بهم.
والمراد بهؤلاء الثلاثة : كَعْب بن مالك، وهِلال بن أمية، ومُرَارَة بن الربيع، أمر رسول الله ﷺ الناس ألا يُسلموا عليهم ولا يكلموهم، فلما رأوا ذلك أخلصوا نياتهم، وفوضوا أمرهم إلى الله، فرحمهم، وسيأتي تمام قصتهم وتوبة الله عليهم بعدُ، إو شاء الله.
الإشارة : وآخرون مؤخرون عن صحبة المشايخ العارفين، حتى ماتوا مفروقين، إما أن يعذبهم على ما أصروا من المساوئ والذنوب، وإما أن يتوب عليهم بفضله وكرمه، إنه
١١٧
عليم لا يخفى عليه ما أسروا، حكيم فيما قضى عليهم من أمر الحجاب بعدله وقضائه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١١٧


الصفحة التالية
Icon