يقول الحق جل جلاله : في وصف البائعين أنفسهم وأموالهم : هم ﴿التائبُون﴾ عن الكفر والمعاصي والهفوات والغفلات، ﴿العابدون﴾ لله، مخلصين له الدين، ﴿الحامدون﴾ لله في السراء والضراء وعلى كل حال، ﴿السائحون﴾ أي : الصائمون، لقوله عليه الصلاة والسلام :" سِيَاحَةُ أُمتي الصوم " شبه بها من حيث إنه يعوق عن الشهوات، أو لأنه رياضة نفسانية يتوصل بها إلى الاطلاع على خفايا الملكوت والجبروت. أو السائحون للجهاد، أو لطلب العلم، أو لزيادة المشايخ والإخوان.
﴿الراكعون الساجدُون﴾ في الصلاة، ﴿الآمرون بالمعروف﴾ أي : بكل ما هو معروف محمود، كالإيمان والطاعة، ﴿والناهُون عن المنكر﴾ أي : كل ما هو منكر في الشرع، كالكفر والمعاصي، ﴿والحافظون لحدود الله﴾ أي : لكل ما حده الشارع وعينه من الحقائق والشرائع. قال البيضاوي : وعطف قوله :﴿والناهون عن المنكر﴾ دون ما قبله ؛ للدلالة
١٢٢
على أنه بما عطف عليه في حكم خصلة واحدة، كأنه قال : الجامعون بين الوصفين، وعطف أيضاً قوله :﴿والحافظون لحدود الله﴾ ؛ للتنبيه على أن ما قبله مفصل الفضائل، وهذا مجملها، وقيل : للإيذان بأن التعداد قد تم بالسابع، من حيث إن السبعة هو العدد التام، والثامن ابتداء لعدد آخر معطوف عليه، ولذلك سمى واو الثمانية. هـ. بالمعنى.
﴿وبشر المؤمنين﴾ الموصوفين بهذه الفضائل، ووضع المؤمنين موضع ضميرهم ؛ للتنبيه على أن إيمانهم دعاهم إلى ذلك، وأن المؤمن الكامل من كان كذلك، وحذف المبشر به للتعظيم، كأنه قيل : وبشرهم بما يجل عن إحاطة الأفهام وتعبير الكلام. قاله البيضاوي.


الصفحة التالية
Icon