الإشارة : كان شيخ شيخنا يُشير على الفقراء، إذا كثرت عليهم الخواطر والهواجس، بالنوم، ويقول ؛ من تشوش خاطره فليرقد حتى يشبع من النعاس، فإنه يجد قلبه ؛ لأن النعاس أمنة من الله يذهب به رجز الشيطان وثقله، ويربط على القلوب في الحضرة ؛ لأنه زوال، وإذا زال العبد ظهر الحق وزهق الباطل.
وقوله تعالى :﴿ويُنزل عليكم من السماء ماء﴾ : هو ماء الغيب الذي يطهر القوب من شهود السَّوى، ويذهب به رجز الشيطان، وهي ظلمة الأكوان، التي تنعقد في القلب من حب الهوى الذي هو من تزيين الشيطان، ويثبت به الأقدام، حتى تثبت عند مصادمة أنوار الحضرة، التي هي تجلي الذات، فلا يثبت لها إلا الشجعان والأبطال وأكابر الرجال. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٠
قلت :(ذلكم) : مبتدأ حُذف خبره، أي : ذلكم العقاب أو العذاب، أو خبر، أي : الأمر ذلكم، أو منصوب بمضمر يفسره فذوقوه، و(الكافرون) : عطف على (ذلكم)، أو نصب على المفعول معه، وقرئ بالكسر ؛ استئنافاً.
يقول الحق جل جلاله :﴿ذاك﴾ الضرب لأعناق الكفار، أو الأمر به ﴿بأنهم﴾ ؛ بسبب أنهم ﴿شاقوا﴾ أي : خالفوا ﴿الله ورسوله﴾، وصاروا كأنهم في شق وهو في شق ؛ مبالغة في المخالفة والمباعدة، ﴿ومن يشاقق الله ورسوله﴾ ويبعد عنهما ﴿فإن الله شديد العقاب﴾ لكم من خالفه أو خالف رسوله، وهو تقرير للتعليل، أو وعيد بما أعد الله لهم في الآخرة بعد ما حاق بهم في الدنيا، ﴿ذلكم﴾ العذاب ﴿فذوقوه﴾ وباشروا مرارته، ﴿وأنَّ للكافرين عذابَ النار﴾، والمعنى : ذُوقوا ما عجل لكم من النقمة في الدنيا مع ما يحل عليكم في الآخرة من عذاب النار، ووضع الظاهر موضع المضمر ؛ للدلالة على أن الكفر سبب العذاب العاجل والآجل.


الصفحة التالية
Icon