رُوي أن أبا خَيْثمة دخل بستانه، بعد خروجه ـ عليه الصلاة والسلام ـ لتبوك، وكانت له امرأة حسناء، فرشت له في الظل، وبسطت له الحصير، وقربت إليه الرطب والماء البارد، فنظر فقال : ظِلّ ظَلِيلٌ، ورطب يانع، وماء بارد، وامرأة حسناء ورسول الله ﷺ في الضِّحّ، والريح ما هذا بخير فقام، فرحل ناقته، وأخذ سيفه ورمحه، ومر كالريح، فمد رسول الله ﷺ طرفه إلى الطريق، فإذا براكب يقطع السراب، فقال : كن أبا خيثمة، فكأنهُ، ففرح به رسول الله ﷺ، واستغفر له.
١٢٩
ثم علل النهي بقوله :﴿ذلك﴾ ؛ إشارة إلى النهي عن التخلف المفهوم من الكلام، ﴿بأنهم﴾ ؛ أي : بسبب أنهم ﴿لا يُصيبهم﴾ في سفرهم ﴿ظََمأ﴾ من حر العطش، أو عطش، ﴿ولا نَصبٌ﴾ تعب، ﴿ولا مَخمَصةٌ﴾ ؛ مجاعة، ﴿في سبيل الله﴾، ﴿ولا يطؤون﴾ يدرسون بأرجلهم أو بأبدوابهم ﴿مَوْطئاً﴾ ؛ مكاناً ﴿يغيظ الكفار﴾ أي : يغيظهم ذلك الوطء، ﴿ولا ينالون من عدو نيلاً﴾ ؛ كالقتل، والأسر، والنصب، وكل ما ينكبهم، ﴿إلا كُتِبَ لهم به عملٌ صالحٌ﴾، أي : إلا استوجبوا به ثواباً جزيلاً. وذلك مما يوجب النهوض إلى الغزو معه ﷺ ؛ فإن ﴿الله لا يُضيع أجرَ المحسنين﴾ على إحسانهم، وهو تعليل لقوله :﴿إلا كتب لهم...﴾ الخ.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١١٣
وفيه تنبيه على أن الجهاد إحسان، إما في حق الكفار ؛ فلأنه سعى في تكميلهم بأقصى ما يمكن، كضرب المُداوي للمجنون، وإما في حق المؤمنين ؛ فلأنه صيانة لهم عن سطوة الكفار واستيلائهم على الإسلام. قاله البيضاوي.