﴿ولا يُنفقون نفقةً صغيرةً﴾ في امر الجهاد، ولو علاقة سيف، ﴿ولا كبيرة﴾ ؛ مثل ما أنفق عثمان رضي الله عنه في جيش العسرة، ﴿ولا يقطعُون وادياً﴾ في سيرهم، وهو كل منفرج ينفذ فيه السبيل، ﴿إلا كُتِبَ لهم﴾ ذلك، ولم يضعْ منه شيء، ﴿ليجزيَهُم الله﴾ بذلك ﴿أحسنَ ما كانوا يعملون﴾، أي : جزاء أحسن أعمالهم، أو أحسن جزاء أعمالهم. قاله البيضاوي.
الإشارة : لا ينبغي للفقراء أن يتخلفوا عن أشياخهم إذا سافروا لحج أو غزو أو تذكير أو زيادة، ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، فيقعدون في الراحة والدعة ؛ وشيخهم في التعب والنصب ؛ لأن ما يصيبهم من مشاق السفر زيادة في ترقيهم ومعرفتهم، وتقوية لمعانيهم، إلى غير ذلك من فوائد السفر، فهو في حق السائرين أمر مؤكد، فكما سار البدن في عالم الشهادة سار القلب في عالم الغيب، كما هو محبوب. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١١٣
يقول الحق جل جلاله :﴿وما كان المؤمنون﴾ يستقيم لهم ان ينفروا ﴿كافةً﴾ ؛ جميعاً لنحو غزو، أو طلب علم، كما لا يستقيم لهم أن يقعدوا جميعاً، فإنه بخل، ووهن للإسلام. قال ابن عباس : هذه الآية في البعوث إلى الغزو والسرايا، أي : لا ينبغي خروج جميع المؤمنين في السرايا، وإنما يجب ذلك إذا خرج رسول الله ﷺ بنفسه، ولذلك
١٣٠
عاتبهم في الآية المتقدمة على التخلف عنه. فالآية الأولى في الخروج معه ﷺ، وهذه في السرايا التي كان يبعثها، وقيل : ناسخة لكل ما ورد من الأمر بخروج الجميع، فهي دليل على أن الجهاد فرض كفاية.


الصفحة التالية
Icon