وأصلح سريرته مع الله، كلفه رتبة ما بين السماء والأرض، فإن لله خلقاً لا يعلمهم إلا الله، ثم لا يزال يرتفع من سماء حتى يرتفع ويصل إلى محل القطب الغوث، وهناك يطلعه الله على بعض غيبه. انتهى.
والغلطة التي تكون في المذكر، إذا رأى منكراً، أو ذُكرَ له وأراد النهي عنه. وأما في الترغيب والإرشاد فينبغي أن يُغلب جانب اللطافة واللين. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٣٢
يقول الحق جل جلاله :﴿وإذا ما أنزلت سورةٌ﴾ من القرآن، ﴿فمنهم﴾ ؛ فمن المنافقين ﴿من يقولُ﴾ ؛ إنكاراً واستهزاءً :﴿أيُّكم زادتْهُ هذه﴾ السورة ﴿إيماناً﴾، كما يزعم أصحاب محمد : ان القرآن يزيدهم إيماناً، فلا زيادة فيه، ولا دليل أنه من عند الله. قال تعالى في الرد عليهم :﴿فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً﴾ ؛ لتنوير قلوبهم، وصفاء سرائرهم، فتزيدهم إيماناً وعلماً ؛ لما فيها من الإنذار والإخبار، ولانضمام الإيمان بها وبما فيها إلى إيمانهم، ﴿وهم يستبشرون﴾ بنزولها ؛ لأنها سبب لزيادة إيمانهم، وارتفاع درجاتهم، بخلاف قلوب المنافقين ؛ فلظلمانيتها وخوضاً لم تزدهم إلا خوضاً، كما قال تعالى :
﴿واما الذين في قلوبهم مرض﴾ ؛ كفر وشك، ﴿فزادتهم رجْساً إلى رِجْسِهِمْ﴾ أي : كفراً بها، مضموماً إلى الكفر بغيرها، الذي كان حاصلاً فيهم، ﴿وماتوا وهم كافرون﴾ أي : وتحكم ذلك في قلوبهم حتى ماتوا عليه.
﴿أوَ لا يَرَوْنَ﴾ أي : المنافقون، ﴿أنهم يُفتَنُون﴾ أي : يُبتلون ويُختبرون بأصناف البليات، كالأمراض والجوع، أو الجهاد مع رسول الله ﷺ، فيعاينون ما يظهر عليه من الآيات، أو يفضحون بكشف سرائرهم. يفعل ذلك بهم ﴿في كل عامٍ مرةً أو مرتين، ثم لا يتوبون﴾ : لا ينتهون من نفاقهم وكفرهم، ﴿ولا هم يذَّكَّرون﴾ ؛ يعتبرون.
﴿وإذا ما أُنزلت سورةٌ نظر بعضُهم إلى بعضٍٍ﴾، يريدون الهرب، يقولون :{هل
١٣٣


الصفحة التالية
Icon