يراكم من أحدٍ} إذا قمتم، فإن لم يرهم أحد قاموا وانصرفوا. قال البيضاوي : تغامزوا بالعيوب، إنكاراً لها وسخرية، أو غيظاً ؛ لما فيها من عيوبهم. هـ. قال ابن عطية : المعنى : إذا ما أُنزلت سورة فيها فضيحتهم، نظر بعضهم إلى بعض على جهة التقرير، يُفْهم من تلك النظرة : التقرير : هل معكم من ينقل عنكم ؟ هل يراكم من أحد حين تدبرون أمركم ؟ وقوله :﴿ثم انصَرَفُوا﴾ ؛ أي : عن طريق الاهتداء، وذلك أنهم حينما بيَّن لهم كشف أسرارهم، يقع لهم ـ لا محالة ـ تعجب وتوقف ونظر، فلو اهتدوا لكان ذلك الوقت مظنة لهم، فهم إذ يصممون على الكفر، ويرتكبون فيه، كأنهم انصرفوا عن تلك الحال، التي كانت مظنة النظر والاهتداء. هـ.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٣٣
والتحقيق : أن معنى ﴿انصرفوا﴾ : قاموا عن مجلس النبي ﷺ ؛ مخافة الفضيحة. ﴿صَرَفَ اللهُ قلوبَهم﴾ عن الإيمان ؛ دعاء عليهم، أو إخبار، فيستوجبون ذلك ؛ ﴿بأنهم﴾ بسبب أنهم ﴿قوم لا يفقهون﴾ ؛ لا يفهمون عن الله ؛ ولا عن رسوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ، أو لا يفقهون سوء فهمهم أو عدم تدبرهم.
الإشارة : زيادة الإيمان عند سماع القرآن يكون على حسب التصفية والتطهير من الأغيار، فبقدر ما يصفوا القلب من الأغيار يكشف له عن أسرار القرآن. قال بعضهم : كنت أقرأ القرآن فلا أجد له حلاوة، فجاهدت نفسي وطهرتها، فصرت كأني أسمعه من النبي ﷺ، يتلوه على أصحابه، ثم رفعت إلى مقام فوقه، فكنت أتلوه كأني أسمعه من جبريل يلقيه على رسول الله ﷺ، ثمَّ منَّ عليّ اللهُ بمنزلة أخرى، فأنا الآن أسمعه من المتكلم به، فعندما وجدت له نعيماً لا أصبر عليه. هـ. بلفظه.


الصفحة التالية
Icon