الإشارة : هو الذي جعل شمس العِيَان مشرقة في قلوب أهل العرفان، لا غروب لها مدى الأزمان، وجعل قمر توحيد الدليل والبرهان نوراً يهتدي به إلى طريق الوصول إلى العيان، وقدَّر السير به منازل ـ وهي مقامات اليقين ومنازل السائرين ـ ينزلون فيها مقاماً مقاماً إلى صريح المعرفة، وهي التوبة والخوف، والرجاء والورع، والزهد والصبر، والشكر والرضى والتسليم والمحبة، والمراقبة والمشاهدة. ما خلق الله ذلك إلا بالحق، ليتوصل به إلى الحق. إن في اختلاف ليل القبض ونهار البسط على قلب المريد لآيات دالة له على السير، لقوم يتّقون السوى، أو شواغل الحس.
إن الذين لا يرجون الوصول إلينا لقصر همتهم، ورضوا بالحياة الدنيا وشهواتها، واطمأنوا بها لم يرحلوا عنها، إذ لا يتحقق سير السائرين إلا بمجاهدة تركها والرحيل
١٤٢
بالقلب عنها، والذين هم عن آياتنا غافلون ؛ لانهماكهم في الهوى والحظوظ، أولئك مأواهم نار القطيعة وغم الحجاب، بما كانوا يكسبون من الاشتغال بالحظوظ والشهوات. وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٤١
قلت :(تجري) : جملة استئنافية، أو خبر ثان لإنَّ، أو حال من الضمير المنصوب في ﴿يهديهم﴾. و(دعواهم) : مبتدأ، و(سبحانك) : مقول للخبر ـ أي : قولهم سبحانك. والتحية مأخوذة من تمني الحياة والدعاء بها، حياة تحية، ويقال للوجه : مُحيا لوقوع التحية عند رؤيته، و(آخر) : مبتدأ، و(أن الحمد لله) : خبر، وأن مخففة.


الصفحة التالية
Icon