﴿يقول الحق جل جلاله :﴾ ﴿ويقولون﴾ ؛ يقول الكفار :﴿لولا﴾ ؛ هلا ﴿أُنزلَ عليه آيةٌ﴾ ظاهرة ﴿من ربه﴾ تدل على صدقه، يعاينُها الناس كلها، فتلجئهم إلى الإيمان به، وهذا الأمر على هذا الوجه لم يكن لنبي قط، إنما كانت الآية تظهر معرّضة للنظر، فيهتدي بها قوم، ويكفر بها آخرون، ﴿فقلْ﴾ لهم :﴿إنما﴾ علم ﴿الغيب لله﴾ مختص به، فلم أَطََّلع عليه حتى أعلم وقت نزولها، ولعله علم ما في نزولها من الضرر لكم فصرفها عنكم، ﴿فانتظروا﴾ نزول ما اقترحتموه، ﴿إني معكم من المنتظرين﴾ لذلك، وهذا وعد قد صدقه الله بنصرته ـ عليه الصلاة والسلام ـ وأخذهم ببدر وغيره، أو من المنتظرين لما يفعل الله بكم لعنادكم وجحودكم الآيات.
الإشارة : ما زالت العامة تطلب من مشايخ التربية الكرامات، فجوابهم ما قال تعالى لنبيه ﷺ :﴿قل إنما الغيب لله﴾ فانتظروا ما يظهر على أيديهم من الهداية والإرشاد، وإحياء البلاد والعباد بذكر الله، وهذا أعظم الكرامة، فإن إخراج الناس عن عوائدهم وعن دنياهم خارق للعادة، سيما في هذا الزمان الذي احتوت فيه الدنيا على القلوب، فلا ترى عالماً ولا صالحاً ولا منتسباً إلا وهو مغروق في بحر ظلماتها، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٤٩
قلت :(جاءتها) " إذا " وجملة (دعوا) : بدل من " ظنوا " بدل اشتمال ؛ لأن دعاءهم من لوازم الظن.
يقول الحق جل جلاله :﴿وإذا أذقنا الناسَ رحمةً﴾، كصحة وعافية وخصب، ﴿من بعد ضراءَ مَستْهم﴾، كمرض أو قحط ﴿إذا لهم مكرٌ في آياتنا﴾ بالطعن فيها، والاحتيال في دفعها، فقد قحط أهل مكة حتى أكلوا الجلود والميتة، ثم رحمهم بالغيث، فطعنوا في آياته
١٥٠
بالتكذيب، وكادوا رسوله ـ عليه الصلاة والسلام - ﴿قل اللهُ أسرعُ مكراً﴾ منكم، فقد دبر عقابكم قبل أن تدبروا كيدكم، ووصف مكر الله بالسرعة وإن كان الاستدراج يمهلهم ؛ لأنه متيقن واقع لا محالة، وكل آت قريب.