ثم قال تعالى في وصف الكفار عند إحاطة البحر بهم :﴿دعوا الله مخلصين له الدين﴾ من غير إشراك ؛ لتراجع الفطرة، وزوال المعارض من شدة الخوف، قائلين :﴿لئن أنجيتنا من هذه﴾ الشدة ﴿لنكونن من الشاكرين﴾، ﴿فلما أنجاهم﴾ إجابة لدعائهم ﴿إذ هم يبغون في الأرض﴾ بالكفر والمعاصي، ﴿بغير الحق﴾ أي : سارعوا إلى ما كانوا عليه من البغي والفساد في الأرض بغير حق، واحترز بقوله :﴿بغير الحق﴾ عن تخريب المسلمين ديار الكفرة، وإحراق زروعهم، وقلع أشجارهم، فإنها إفساد بحق. قاله البيضاوي : قلت : وفي كونه بغياً نظر، والأظهر أن قوله :﴿بغير الحق﴾ تأكيد لا مفهوم له.
﴿
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٥٠
يا أيها الناس إنما بَغْيُكم على أنفسكم﴾ فإن وباله عائد عليكم، أو على أبناء حنسكم، وذلك ﴿متاع الحياة الدنيا﴾ تتمتعون به ساعة، ﴿ثم إلينا مرجعكم﴾ في القيامة ﴿فنُنبئكم بما كنتم تعملون﴾ بالجزاء عليه.
الإشارة : وإذا أذقنا الناس حلاوة المعرفة والعلم، بعد ضرر الجهل والغفلة، إذا لهم مكر في آياتنا وهم الأولياء والمشايخ، الذين فتح الله بسببهم عليهم ـ بالطعن عليهم والانتقال عنهم، كما يفعله بعض المريدين، أو جُلُّ طلبة العلم، بنسيان مشايخهم ونسيان العهد إليهم، قل الله أسرع مكراً بهم، فيريهم أن الأمداد باقية، تجري عليهم استدراجاً، ثم يحبس ذلك عنهم فتيبس أشجار معانيهم، وتظلم قلوبهم.