قال المحشي : قلت : وذلك أن أعلى اللذات التحقق بصفات الربوبية، وهي محبوبة للقلب والروح بالطبع، لما فيه من المناسبة لها. ولذلك قال ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ [الإسراء : ٨٥]، ثم المناسب إنما هو بقاء لا فناء وعز لا ذل فيه، وغنى لا فقر فيه، وكمال لا نقص فيه، وأمن لا خوف فيه، وهذا كله من أوصاف الربوبية، وحق كل عبد أن يطلب ملكاً عظيماً لا آخر له، ولا يكون ذلك في الدنيا لانصرافها وشوبها بآلام مكدّرات، وإنما ذلك في الآخرة ولكن الشيطان بتلبيسه وحسده يدعو إلى ما لا يدوم من العاجلة، متوسلاً بما في الطبع من العجلة، والله يدعو إلى المُلك الحقيقي، وذلك بالزهد في العاجل والراحة منه عاجلاً، ليكون ملكاً في الدنيا، وبالقرب من الله والرغبة في التحقق به وبأوصافه ليكون ملكاً في الآخرة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٥٣
وفي الطيبي : قيل لابن أدهم : ما لنا ندعو فلا نجاب ؟ فقال : لأنه دعاهم فلم تُجيبوه، ثم قرأ :﴿والله يدعو إلى دار السلام﴾ ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ [الشورى : ٢٦]. هـ.
١٥٤
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٥٣


الصفحة التالية
Icon